نقابي

الشكندالي في أشغال اليوم الثاني من ندوة جامعة النفط : قانون المالية دون رؤية والدور الاجتماعي للدولة يمر عبر تحسين خدمة المرفق العام

الشعب نيوز / أبو إبراهيم - اعتبر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي ان منهجية نقاش ميزانية الدولة وقانون المالية يبرز غياب رؤية اقتصادية تؤطر الميزانية كما غابت هذه الرؤية عن جزء من نقاشات النواب.

وفسّر أنّ قانون المالية يجب ان يكون جزء من مخطط خماسي أو ما يسمى بالمنوال التنموي الذي يترجم إلى ميزان اقتصادي.

وقال إنّ قانون المالية هو تنزيل المخطّط معتبرا أنّ السنة الأولى من المخطّط يجب أن تتضمّن سياسات قوية تترجَم إلى إجراءات ثمّ وضع ميزانية الدولة وفق ما ستُحدِث الإجراءات من أثر مالي . 

* الدور الاجتماعي شعار

وقال أستاذ العلوم الاقتصادية خلال افتتاح أشغال اليوم الثاني من ندوة الجامعة العامة للنفط و المواد الكيمياوية  المنعقدة من 27 الى 29 نوفمبر 2025 تحت عنوان  " تحليل مشروع قانون المالية 2026: استراتيجيات إدارة الازمة" ، ان ما حصل هو تقديم وزارة المالية لمشروع المالية دون مخطط وهو ما يجعل كل الإجراءات دون أهداف واضحة.

كما تم تقديم الميزان الاقتصادي دون منوال اقتصادي وقال ان هذا يعتبر خطأ منهجي في نقاش قانون المالية.

واعتبر الخبير الاقتصادي ان شرح أسباب الميزانية تضمن اهداف عالية السقف مقابل إجراءات بسيطة وقال ان اهم الشعارات هي الدولة الاجتماعية والسيادة  الوطنية والعدالة الاجتماعية ودفع النمو الى 3.3 بالمائة. 

وشرح ان الزيادة في الأجور في إطار قانون المالية بدعة وهو ضمن رؤية الدولة لدورها الاجتماعي القائم على تحسين مستوى الدخل مع احتكار الملفات الاجتماعية وهو تصور لا يتوافق مع متطلبات العصر مؤكدا أهمية وجود طرف نقابي مفاوض.

وفسر ان الزيادة في الأجور في سنة 1973 كان خارج إطار قانون المالية.

وقال ان لعب الدولة دورها الاجتماعي ليس من خلال الزيادة في الأجور بقانون او من خلال التشغيل غير المنتج في الوظيفة العمومية بل من خلال تطوير المرفق العام وقال ان الخدمات الاجتماعية الجيدة تمكن من خفض كلفة العيش.

وشدد على ضرورة التمييز بين موطن الشغل الذي يحدث نتيجة خلق ثروة وهو عادة ما يحدث في القطاع الخاص وبين موطن الشغل الذي تحدثه الدولة لتقديم الخدمات العمومية المرافقة للنمو.

وفسر ان مختلف الإجراءات التي اتخذتها الدولة في إطار الميزانية للعب الدور الاجتماعي خارج الموضوع ولا تخدم هذه الغاية
الاقتراض الداخلي. 

* اضطرار وليس خيار

وقال أستاذ العلوم الاقتصادية ان شعار السيادة الوطنية تم تنزيله في قانون المالية من خلال مقاربة تقوم على مفهوم ضيق وهو تطوير الاقتراض الداخلي والتقليل من الاقتراض الخارجي.

واعتبر ان هذا الامر غير صحيح لان الدولة لم تتوجه الى الاقتراض الداخلي بوصفه خيار بل نتيجة عدم قدرتها على تعبئة الموارد المالية من الاقتراض الخارجي.

ففي سنة 2023 طرحت الدولة على نفسها تعبئة 14.5  مليار دينار من الاقتراض الخارجي ولكنها لم تحصّل الا 5.8 مليار دينار وفي سنة 2024 لم تخفض الدولة رهانها على الاقتراض الخارجي بل رفعتها الى 16.5 مليار دينار لكنها لم تحصل الا 3.5 مليار دينار .

وفي سنة 2025 راهنت الدولة على تجميع 6.1 مليار دينار ولم تحصل الا على 4.4 مليار دينار وتسعى الحكومة من خلال قانون المالية لسنة 2026 الى جمع 6.5 مليار دينار من الاقتراض الخارجي واعتبر ان كل هذه الأرقام تؤكد ان الاقتراض الداخلي اضطرار وليس خيار.

وقال ان الاعتماد على الذات يعني الاعتماد على الرصيد البشري التونسي وعلى المدخرات التونسية التي تتآكل بصفة كبيرة حيث تراجعت من 23 بالمائة سنة 2010 الى حدود 4.7 بالمائة  حاليا وبالنسبة للعائلات فان نسبة الادخار تراجعت من 24 بالمائة سنة 2010 الى 2.7 بالمائة حاليا  بالنسبة للعائلات وهو ما يعني تدهور الواقع المالي للعائلات وللأجراء. 

عن مسألة الاقتراض من صندوق النقد الدولي ، قال الخبير الاقتصادي ان مشكل تونس في المفاوضات وخاصة في فريق التفاوض التونسي الذي لم ينجح في اقناع النقد الدولي برنامج اقتصادي قادر على تحفيز النمو. 

وانتقد الخبير الاقتصادي فرضيات الميزانية التي اعتبرها مستندة الى توقعات صندوق النقد الدولي وقال أن نسبة النمو مبالغ فيها.

* دور نقابي ضروري

وشرح ان الميزانية جبائية بإمتياز مؤكدا ان الجباية لا تمثل سياسية اقتصادية لدفع النمو وبالتالي فان الميزانية لا يمكن ان تكون محفزا اقتصاديا بواقعها الحالي.

وقال ان الموارد تتكون من 47.8 مليار دينار من الجباية إضافة الى موارد غير جبائية وموارد الاقتراض الداخلي التي تبلغ نحو 6.5 مليار دينار والاقتراض الخارجي التي تبلغ نحو 19 مليار دينار.

وعن الزيادة في الاجور في الميزانية فقد قدرت بنحو 900 مليون دينار في قانون المالية ويحمل هذا الرقم الكثير من الدلالات فهو مبلغ مخصص لتسوية الوضع المهني لعشرات الالاف من الاعوان وقال ان ما سيتبقى منه سيوجه نحو الزيادة وقال ان الخطر في إمكانية ان لا يكفي المبلغ المتبقي لتوفير اعتمادات الزيادة في الأجور.

وقال الخبير الاقتصادي ان وزارة المالية قد تضطر الى إقرار زيادة هزيلة يحدها سقف ما يتبقى من 900 مليون دينار اثر تسوية الوضعيات المهنية للأعوان المنتدبين حديثا.

وبين ان هذا الواقع يفترض دور قوي للنقابات من اجل التفاوض حول زيادة في الأجور بما يضمن زيادة تحسن مقدرتهم الشرائية.

وقال ان وزارة المالية قد تختار أي تمشي دون وجود دور ضاغط للاتحاد.

وقال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي ان هناك من يعتبر ان الزيادة تظهر في قانون المالية في باب النفقات الطارئة ورغم انه لا يوافق هذا الرأي، غير انه افتراضه يؤكد انه ينطوي على مخاطر بدوره لان المبلغ المرصود يكون على ذمة وزارة المالية .

* اصلاحات صندوق النقد الدولي

وقال ان ما يمكن ملاحظته هو ان قانون المالية يكرس الإصلاحات التي طبلها صندوق النقد الدولي من الحكومات السابقة وهي اصلاح الوظيفة العمومية وخفض النفقات العمومية وإصلاح المؤسسات العمومية وخفض الدعم وخفض نسبة الاجور من النتاج المحلي.  

وفي مجال الدعم قال ان الحكومة لم تقم برفع الدعم بل قامت بخفض المدعوم مع الحفاظ على نسب الدعم.

وقال ان توزيع المهمات على الوزارات يكشف امرين مهمين وهما خفض ميزانية وزارة الصناعة والطاقة والمناجم والحال ان هناك مشكل بيئي في جهة يستوجب تدخل الوزارة بميزانية كبرى.

كما تستوجب المناجم تجديد المعدات والاسطول وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات حول تصور الدولة لهذه الإشكاليات.

وأشار الى ان غياب اعتمادات التأجير للمحكمة الدستورية يؤكد انها قد لا تحدث خلال السنة المقبلة .