الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الأساسي : تقييم الوضع القطاعي وإعادة ترتيب الأولويات النضالية

الشعب نيوز / نصر الدين ساسي - انعقدت اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الأساسي في ظرف وطني يتّسم بتعقّد غير مسبوق في المشهد النقابي والاجتماعي، وفي سياق يتّجه نحو تجميد آليات الحوار الاجتماعي وتعطّيل مساحات التفاوض داخل عديد القطاعات.
وتعتبر هذه الهيئة الإدارية مناسبة لتقييم الوضع النقابي العام على المستوى الوطني، في ظلّ سياسة حكومية غير تشاركية، وتداعيات الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي طبعَت قانون المالية الأخير وانعكاساتها المباشرة على حقوق الشغّالين وعلى مستقبل الخدمات العمومية الأساسية.
وعلى المستوى القطاعي، سيكون هذا اللقاء محطة مهمّة لمراجعة المسار النضالي الذي خاضه مربّو التعليم الأساسي خلال الفترة الأخيرة، وخاصة تحرك 7 أكتوبر المنقضي الذي اعتُبر منعطفًا مهمًا في إبراز حجم الاحتقان داخل القطاع، ومدى الاستعداد لخوض معارك دفاعًا عن المدرسة العمومية وعن الحقوق المهنية للمربين والمربيات.
في هذا السياق، جاءت كلمتا الأخت سهام بوستة والأخ محمد العبيدي لتؤطّرا طبيعة المرحلة، وتحدّدا ملامح الوضعين العام والقطاعي، وتضعا أمام الهيئة الإدارية صورة واضحة عن أهداف المرحلة القادمة.
____
الأخت سهام بوستة : مناخ عام مأزوم… والتعليم العمومي يدفع الثمن
___
افتتحت الأخت سهام بوستة، الأمينة العامة المساعدة والمسؤولة عن قسم التكوين النقابي والأنشطة الثقافية، أشغال الهيئة الإدارية للتعليم الأساسي بتأكيدها أنّ اللقاء يأتي في ظرف دقيق تتقاطع فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية مع سياسة رسمية تتجه، حسب قولها، نحو التضييق على العمل النقابي وتقليص مساحات الحوار الاجتماعي .
وأوضحت أنّ السياق العام يتّسم بتراجع واضح في احترام آليات التفاوض، بعدما أصبحت القرارات الكبرى — من مجلة الشغل إلى ميزانية 2026 — تُتخذ في شكل أوامر دون تشريك الهياكل المهنية والاجتماعية.
واعتبرت أنّ هذا النهج يعكس رغبة متنامية في تقليص دور المنظمة النقابية واستهداف وجودها الرمزي والفعلي، من خلال تعطيل حق التفاوض وتجريم الاحتجاج وتهميش الأجسام الوسيطة.
وفي قراءتها للوضع الاجتماعي، شدّدت بوستة على أنّ المدرسة العمومية تواجه تراجعًا خطيرًا في البنية التحتية وفي الموارد البشرية وفي جودة الخدمات، مشيرة إلى أنّ الميزانيات المخصّصة للتعليم والصحة لم تشهد أي تطور يواكب حاجيات القطاعات الحيوية.
كما لفتت إلى أنّ المقدرة الشرائية لم تعد قابلة للتحسّن في ظلّ غياب رؤية إصلاحية واضحة، مؤكدة أنّ “الحد الأدنى لحياة كريمة” بات في تقديرات الدراسات لا يقل عن 3000 دينار.
واعتبرت أنّ تحركات العاملين في التعليم الأساسي الأخيرة — من التجمعات الجهوية إلى الإضراب الذي قدّرت الجامعة نجاحه بـ81٪ — أثبتت قدرة القواعد على الدفاع عن مطالبها، رغم محاولات التشويه والضغط التي طالت النقابيين، سواء عبر الإقالات أو التتبعات أو التضييقات الإدارية.
وشدّدت بوستة على أنّ الإضراب ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لفرض الاستماع للمطالب المستعجلة، داعية إلى بناء استراتيجية نضالية تقوم على التوحيد والتضامن بين مختلف مكونات قطاع التربية، وعلى وعي مشترك بأن المدرسة العمومية تدخل مرحلة حساسة تتطلب دفاعًا ميدانيًا مسؤولًا.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على أنّ الهيئة الإدارية تمثل فضاءً للنقاش الهادئ ووضع الخيارات النضالية القادمة، معتبرة أنّ صوت المربين سيظل عنصر قوة يحمي المدرسة العمومية ويصون مستقبل الأجيال.

____
الأخ محمد العبيدي : “مرحلة جديدة من المواجهة مع وزارة ترفض التفاوض”
____
من جهته، قدّم الأخ محمد العبيدي، الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الأساسي، قراءة مكثفة في واقع القطاع بعد الإضراب الأخير، معتبرًا أنّ التحركات التي أنجزها المربون كشفت حجم الاحتقان وأظهرت في المقابل رغبة واضحة لدى وزارة الإشراف في إقصاء الجامعة العامة من المشهد التفاوضي.
وأشار العبيدي إلى أنّ الوزارة لم تكتف بتجاهل مطالب القطاع، بل انتقلت، وفق تعبيره، إلى سياسة “التنكيل بالنقابيين”، مستشهدًا بحالات إعفاء عدد من الإطارات التربوية في ولايات سليانة ونابل وسليمان وغيرها بسبب نشاطهم النقابي أو ترشحهم لخطط إدارية ورأى أنّ هذا السلوك يعكس توجها ممنهجًا للضغط على الهياكل المنتخبة والتنقيص من دورها.
كما كشف أنّ الجامعة العامة راسلت الوزارة في مناسبتين بعد الإضراب، عبر القنوات الرسمية للوظيفة العمومية ثم عبر مراسلة تذكير، دون أن تتلقى أي استجابة، وهو ما اعتبره مؤشرًا واضحًا على غياب الإرادة التفاوضية وعلى رغبة واضحة في ترك الملف دون معالجة.
ودعا العبيدي الفروع الجهوية إلى استكمال تقديم تقييماتها للتحركات السابقة، حتى تتمكن الجامعة من تجميع المعطيات وصياغة خطة نضالية مستقبلية تقوم على الواقعية والقدرة التنفيذية وتجاوز النقائص. وشدد على ضرورة أن تبقى القواعد ملتفة حول هياكلها، معتبرًا أنّ المرحلة القادمة قد تكون أصعب من سابقاتها، وأنّ السلطة الحالية تبدو مستعدة لزيادة الضغط ورفع سقف المواجهة.
وختم مداخلته بالتأكيد على أنّ الجامعة العامة ماضية في تثمين نضالات المربين واستثمار نجاح الإضراب الأخير، معتبرًا أنّ المرحلة تتطلب توحيد الصفوف، وأن نجاح أي معركة نقابية مرتبط بمدى تماسك الهياكل والقواعد في مواجهة سياسة الإقصاء ورفض التفاوض.

تابعوا اخباركم و صوركم عبر الرابط التالي : https://tinyurl.com/achaab-naqaby


