الاعراف في انسجام تام مع موقف السلطة في مقاطعة أي نوع من الاتصال و التواصل مع الاتحاد

الشعب نيوز/ المحرر- تطرق الاستاذ عبد السلام النصيري المحامي والخبير في قانون الشغل الى ما يتداول حول أسباب عدم اجراء مفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومنه ان "رئيس الجمهورية لم يقرر ادراج الزيادة في الاجور ضمن قانون المالية الا بعد تعثر التفاهم بين الطرفين الاجتماعيين"
اتفاق مبرم منذ غرة جانفي 2022
و للتصحيح ،أشار الاستاذ عبدالسلام النصيري الى انه قد تم إبرام اتفاق بين قيادتي الاتحاد العام التونسي للشغل و الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية على الزيادة في أجور العمال الخاضعين لاتفاقيات مشتركة بمقتضى اتفاق غرة جانفي 2022 و الذي تم فيه برمجة زيادة موزعة على سنوات 2022 و2023 و2024 على ان تنطلق جولة من التفاوض الجماعي قبل موفر أكتوبر 2024 تتناول بالضرورة الجوانب الترتيبية في الاتفاقيات المشتركة القطاعية.
مقترحات خاصة بـ34 اتفاقية
و تطبيقا لهذا الاتفاق تبادلت المنظمتان في شهر سبتمبر 2024 مقترحاتهما لمراجعة 34 اتفاقية مشتركة قطاعية في جوانبها الترتيبية و المالية. و وجه اتحاد الشغل مراسلات لمنظمة الاعراف في مرات عديدة لدعوتها للانطلاق في المفاوضات الجماعية، لكنها ظلت تماطل بتعلات مختلفة الى غاية تاريخ 9 ماي 2025 حيث عقدت جلسة اولى بين وفدي التفاوض للمنظمتين تحت اشراف وزير الشؤون الاجتماعية للاعداد لجولة جديدة من المفاوضات الجماعية تلتها جلسة ثانية بين قيادات المنظمتين تمسك خلالها الاعراف بالمفاوضات المركزية للزيادة في الاجور وممثلو العمال بتطبيق اتفاق 1 جانفي 2022 والدخول في مفاوضات قطاعية في الجانبين المالي و الترتيبي و تم الاتفاق على عقد جلسة اخرى بعد العودة من اشغال مؤتمر العمل الدولي المنعقد بين اواخر ماي و منتصف جوان 2025.
انقطاع مفاجئ
لكن الاتصالات انقطعت فجاة من طرف الاعراف بالتزامن مع تتالي الاجراءات الحكومية ضد العمل النقابي و قطع كل اشكال التواصل مع الاتحاد العام التونسي للشغل وتعطيل عمل جميع الهيآت الرسمية التي تعرف تمثيلا للاتحاد.( المجلس الوطني للحوار الاجتماعي،اللجنة المركزية للتصالح، اللجان الجهوية للتصالح،اللجنة المركزية لمراقبة الطرد، اللجان الجهوية لمراقبة الطرد، مجالس ادارات الصناديق الاجتماعية...)
تنكر تام
و على هذا لا يوجد تعطل للتفاهم بين الاعراف و ممثلي العمال بل رفض من جانب الاعراف لتنفيذ التزام متفق عليه و انطلق العمل على تفعيله وتنكر تام لمقتضيات الحوار الاجتماعي و ذلك في انسجام تام مع موقف السلطة في مقاطعة أي نوع من الاتصال و التواصل المباشر او غير المباشر مع الاتحاد العام التونسي للشغل وفي مخالفة صريحة لواجبات السلطة العامة في تشجيع المفاوضة الجماعية و توفير اسباب نجاحها و ازالة أي عراقيل يمكن ان تعيقها و تقريب وجهات النظر بين الاطراف الاجتماعية حفاظا على السلم الاجتماعية.
خلاصة القول أن اقرار الزيادة في الاجور بمقتضى أمر و دون مفاوضات جماعية لم يكن بسبب غياب التفاهم بين الاتحاد و الاعراف و انما في اطار مقاطعة كل اشكال الاتصال والتواصل و التحاور و التشاور مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
ليست هذه المرة الاولى
ان اللجوء الى اقرار زيادة في أجور عمال القطاع الخاص الخاضعين لاتفاقيات مشتركة بمقتضى أمر ليس جديدا و هذه امثلة لحالات سابقة قامت فيها السلطة بإصدار نصوص قانونية دون تفاوض او حتى تشاور مع الاتحاد العام التونسي للشغل مثل الزيادة في الأجر الادنى المضمون والترفيع في سقف الاسترجاع في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ان السلطة العامة قد دأبت منذ مدة على مخالفة النصوص القانونية الملزمة و مقتضيات اتفاقيات العمل الدولية التي صادقت عليها و التي تلزمها كلها بضرورة التشاور مع ممثلي اصحاب العمل و ممثلي العمال بصورة مسبقة قبل اصدار النصوص التشريعية او الترتيبية ذات العلاقة بالعلاقات المهنية او الضمان الاجتماعي و بالتالي لا يجوز الاستغراب اذا ما قررت الغاء المفاوضة الجماعية و الحلول محل الاطراف الاجتماعية المتعاقدة في تعديل الاتفاقيات في مخالفة صريحة لحكم الفصل 134 من مجلة الشغل و مقتضيات الاتفاقيتين رقم 98 و 154 لمنظمة العمل الدولية.



