عزالدين المدني يستعيد في نفطة أسباب ترجمته ماساة الحلاج الى عمل درامي مسرحي

* في الصورة تكريم للاستاذ عزالدين المدني من طرف مهرجان روحانيات وفرع اتحاد الكتاب بتوزر
الشعب نيوز/ باقلام النقابيين - جاءت محاضرة الأستاذ عز الدين المدني ضمن ندوة الدورة الثامنة لمهرجان روحانيات بنفطة في شكل تداعيات فكرية حرة تستحضر مسألة الاهتمام بالدراسات الصوفية في الوسط التونسي و جاءت رغم ثرائها و استطراداتها مترابطة و منسجمة في خط ناظم عكس تيقظا ذهنيا و معرفيا عند الأستاذ رغم ما ظهر عليه من شيخوخة و انهاك.
استهل الأستاذ المدني مداخلته وسط جمهور نوعي و محترم بتصدي بعض الاوساط الجامعية النافذة للبحث في المناقب المتصلة بالظاهرة الولائية و التصوف و رفض ادراجها ضمن الاهتمامات الأكاديمية رغم سبق الاستشراق و الجامعات الغربية لهذه البحوث التي نهلت منها أوروبا و اعادت صياغتها بما يخدم مشروعها الحضاري فذكر بأعمال ماسينيون و ما كتبه كما نوه بسبق بعض الجامعات في المشرق العربي لهذه المباحث قبل نظيراتها التونسية بما يزيد عن الثلاثين سنة في سوريا و لبنان و العراق و خاصة في مصر.
ويل لمن جرموا التصوف
و تناول الأستاذ معنى المأساة بالمفهوم الاغريقي الذي استفزه به كاتب أمريكي لم يذكر اسمه من خلال مصنف ضخم استثنى فيه العرب من معرفتهم بهذا المفهوم المركزي في الحضارة الغربية و آدابها مما دفع بالاستاذ إلى تفنيد هذا الادعاء و حفزه على ترجمة مأساة الحلاج إلى عمل درامي مسرحي يبرر ما اختزلته تلك التجربة الوجودية من كل أركان المأساة الملحمية فابرز مجمل القيم التي دافع عنها الحلاج و ابرز فرادة الرجل في الانتصار للحقيقة و التضحية من أجلها كما ابرز تميزه في صياغة افكاره شعرا ساميا و عظيما في معناه و في مبناه.
و شن الأستاذ المدني هجوما ناريا على فقهاء السلطان الذين جرموا التصوف و ربطوه بالمروق و التمرد و الزندقة و تهديد عروش الحكام و رفضهم التصاق التدين الحق بالجماهير و تحررها من ربقة العبودية و التسلط من خلال تحررها من احتكار الفقه للتفسيرات النصية و التاويلات الذاتية للنصوص الدينية.
مقولات الحلاج التقدمية
و عمق الأستاذ فكرة راهنية الحلاج و تجسد افكاره الثورية من حيث تشابه المناخات الحضارية و الاجتماعية و السياسية و من حيث الحاجة لحرية الفكر و الإرادة و الحاجة الملحة لفصل الديني عن السياسي في حياتنا العامة و ابرز بمنهجية مقارنة دقيقة الجوانب التي وصفها باليسارية و التقدمية في مقولات الحلاج و من ورائه فكر التصوف العرفاني و مقارباته في مسائل الحرية و الوعي و استقلال الإرادة و الالتصاق بالجماهير و الزهد ...
و شدد الأستاذ على أن التصوف مساءلة و تبادل معرفي خلاق سواء مدرسته الأولى في بغداد مع المحاسبي و الحسن البصري و أويس أو في مدرسته الطرقية
و تطرق الأستاذ إلى فضل التصوف في الارتقاء بالذوق العام من خلال تغذيته لمختلف الفنون فذكر ارتباطه بالموسيقى و الرقص و الشعر و أساسا الفنون التشكيلية حيث أشار إلى ما استلهمه التشكليون التونسيون مثل نجيب بلخوجة و نجا المهداوي حين أعطوا لنفسهم الفني بعدا صوفيا مثلما كان في التجربة الحروفية لنجا المهداوي حين حول الحرف العربي إلى علامة بصرية ذات دلالة روحية و فنية.
أبو الحسن الشاذلي وابن عربي
و بعد أن عرج الأستاذ عز الدين المدني على عدة موضوعات متصلة بضرورة استعادة البحث و التفكير في الموروث الصوفي و التسلح بقيمه التحررية التي ظهرت في تجارب رواده و سيرهم على غرار سيرة الشيخ أبي الحسن الشاذلي و علاقته بالسلطة و رحلته إلى مصر أو سيرة المعلم الأكبر ابن عربي و عبقريته الفكرية و الروحية من خلال كتبه المرجعية القيمة فقد أنهى الأستاذ محاضرته بقراءات منتخبة من الشعر الصوفي للحلاج و لرابعة العدوية مبينا مقدار الجمالية البلاغية و اللغوية في تلك الأشعار الخالدة .
خالد العقبي


