ميزانية 2026: الثلثان للاجور والدين العمومي وهذه أكثر الوزارات التهاما للنفقات

الشعب نيوز/ نصرالدين ساسي* - تتقدّم تونس نحو سنة مالية جديدة محمّلة بالتحديات ذاتها: عجز مالي مزمن، كتلة أجور متضخّمة، استثمارات محدودة، وضغوط خارجية متزايدة. مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 لا يحمل انقلابًا في المنهج بقدر ما يعيد إنتاج المعادلة القديمة بين الانضباط المالي المفروض والاستقرار الاجتماعي الضروري. ميزانية 2026: الثلثان للاجور والدين العمومي وهذه أكثر الوزارات التهاما للنفقات
التحليل المالي يظهر أن الأجور وخدمة الدين تبتلعان أكثر من ثلثي النفقات، فيما تتراجع ميزانيات التنمية والدعم. أما الانتدابات الجديدة وتسوية الأعوان الوقتيين وعملة الحضائر، فرغم عدالتها الاجتماعية، فقد تزيد هشاشة التوازنات إذا لم تُرفق بإصلاح هيكلي للوظيفة العمومية.
وبين مقتضيات الانضباط المالي وضغوط الواقع الاجتماعي، تظلّ ميزانية 2026 اختبارًا جديدًا لإرادة الإصلاح في تونس: هل تكون الفرصة الأخيرة لبناء دولة عادلة ومنتجة، أم مجرّد جولة أخرى في دورة الإنفاق بلا إصلاح؟
أكثر من النصف
تكشف القراءة الأولية في مشروعي ميزانيتي 2025 و2026 أن كتلة الأجور وخدمة الدين ما تزالان تهيمنان على نفقات الدولة، فيما تتراجع تدريجياً ميزانيات الدعم والاستثمار. وتحتل وزارات التربية، الدفاع، الداخلية، الصحة، التعليم العالي، الشؤون الاجتماعية، النقل، التجهيز، الفلاحة والمالية المراتب العشر الأولى من حيث الاعتمادات المرصودة، بما يعادل أكثر من نصف الميزانية العامة.
.png)
وتشير بيانات وزارة المالية إلى أن كتلة الأجور ستبلغ 25.2 مليار دينار سنة 2026 مقابل 24.3 مليار في 2025، أي بزيادة تقارب 878 مليون دينار. ورغم هذه الزيادة، يبقى الإنفاق على التنمية أقل من 10 % من النفقات، بينما تتجاوز خدمة الدين 20 مليار دينار، أي 34 % من الميزانية.
انضباط دون اصلاح
ويرى خبراء أن استمرار هذا التوجه يكرّس ما يسمّى بـ«الانضباط المالي دون إصلاح اجتماعي»، إذ تُوجَّه الموارد لتغطية النفقات الجارية لا لتحفيز النمو أو خلق الثروة.
وبذلك تدخل تونس سنة مالية جديدة محكومة بثنائية مزمنة: الحفاظ على السلم الاجتماعي بمعزل عن الأطراف الإجتماعية مقابل تضييق هوامش الإصلاح الاقتصادي الحقيقي.
.png)
الإستقرار أكثر من التنمية
تؤكد المؤشرات أن ميزانية 2026 لم تخرج بعد من منطق إدارة الأعباء بدل توجيه الموارد نحو الإصلاحات المنتجة. فالدولة ما تزال تموّل الاستقرار الاجتماعي أكثر مما تموّل التنمية، ما يجعل «الفرصة الأخيرة للإصلاح» معلّقة بقرار سياسي جريء يعيد ترتيب أولويات الإنفاق من الأجور إلى الاستثمار، ومن السداد إلى الإنتاج.(يتبع)
* من مقال الشعب الورقية في عددها المؤرخ في 30 اكتوبر 2025 ص 6-7


