كاتب عام جامعة الصناديق الاجتماعية : مشروع قانون المالية يفتقد لإصلاحات هيكلية جريئة تؤسس لعدالة جبائية حقيقية واستدامة مالية

الشعب نيوز / أبو خليل - اعتبر الأخ حاتم القهواجي الكاتب العام للجامعة العامة للصناديق الاجتماعية في تدوينة على صفحته على الفايسبوك مشروع قانون المالية لسنة 2026، في بعده الاجتماعي، يعكس الرغبة في البحث عن حلول عاجلة لتفادي أزمة الصناديق الاجتماعية.
غير أن الحلول المقترحة لازالت لا تفرق بين مفهوم العجز الهيكلي ومفهوم العجز المالي لذلك تظل محدودة الأثر إن لم تُرافق بإصلاحات هيكلية جريئة تؤسس لعدالة جبائية حقيقية واستدامة مالية.
و أكد القهواجي في تدوينة له أنه من الضروري اليوم الانتقال من منطق “ تعبئة الموارد بأي ثمن”إلى منطق “إصلاح المنظومة وضمان التوازن الاجتماعي والمالي في المدى الطويل”.
وقدم القهواجي قراءته لمشروع قانون المالية لسنة 2026 في الجانب المتعلق بتنويع مصادر تمويل الصناديق الإجتماعية .
وقدمت هذه التدوينة في إطار متابعة الإجراءات المالية والاجتماعية التي تضمّنها مشروع قانون المالية لسنة 2026، وخاصة تلك المتعلقة بتنويع مصادر تمويل الصناديق الاجتماعية.
و بين حاتم القهواجي أن المشروع جاء بمجموعة من الإجراءات الرامية إلى دعم موارد هذه الصناديق عبر توجيه نسب من الرسوم والضرائب وإحداث مساهمات قطاعية جديدة، في محاولة لتقليص العجز الهيكلي والمالي المتراكم.
غير أن قراءة متأنية تُبرز أن هذه الآليات، رغم نواياها الإيجابية، تحمل في طيّاتها عدة إشكاليات مالية وإجتماعية وهيكلية تستوجب التدارك قبل المصادقة النهائية على القانون :
- أولاً : في مضمون الإجراءات المقترحة
ينصّ المشروع على جملة من التدابير أبرزها توجيه نسب من بعض الرسوم والأداءات (كمعاليم الترسيم العقاري وبعض المداخيل الجبائية القطاعية) لفائدة حسابات مخصّصة للصناديق الاجتماعية.
كما تم إحداث مساهمة ظرفية على أرباح البنوك والمؤسسات المالية وشركات الاتصال والتأمين تُوظّف لفائدة نفس الغاية و إدراج رسوم إضافية على بعض الخدمات والعمليات التجارية والإدارية (مثل الفواتير وكرّاسات الشروط وشحن الهاتف) وتخصيص جزء منها للصناديق.
و في تقييمه لهذه الإجراءات بين الكاتب العام للجامعة انه من حيث الاستقرار والاستدامة المالية ، فإن أغلب الموارد الجديدة تأتي في إطار طابع ظرفي أو غير مضمون الاستمرارية (مساهمات استثنائية، رسوم محدودة المردود، أو تحويلات مرتبطة بالظرف الإقتصادي) وبالتالي فإنها لا تمثل قاعدة تمويل مستدامة تُمكّن من معالجة العجز الهيكلي المزمن للصناديق، بل قد تؤدي إلى تحسين ظرفي للأرقام دون حلّ حقيقي للأزمة .
اما من حيث الحوكمة والشفافية ، فقد اعتبر القهواجي تخصيص موارد متعددة للصناديق دون تحديد واضح لآليات الصرف والمراقبة قد يُضعف الشفافية ويعقّد المتابعة المالية.
فغياب لجنة رقابة أو تقرير سنوي إجباري حول استعمال الموارد يفتح المجال أمام تضارب الأدوار وضعف المساءلة.
أما من حيث التكلفة الإدارية والنجاعة الجبائية ، فإن تعدد مصادر الرسوم وصغر حجم المبالغ المفروضة في كل عملية يرفع كلفة الجباية ويخلق عبئاً إدارياً إضافياً، في حين يمكن تحقيق مردودية أعلى عبر تجميع الموارد في أدوات ضريبية محدودة وواضحة المعالم.
و قدم الكاتب العام للصناديق الاجتماعية عدة مقترحات وتوصيات داعيا الى إرساء آلية مراقبة ومتابعة شفافة، عبر لجنة مستقلة تنشر تقارير سنوية حول تنفيذ الموارد الموجهة للصناديق الاجتماعية واعتماد مقاربة إصلاح شاملة لمنظومة الضمان الاجتماعي تتضمن تحيين سن الإحالة على التقاعد، ترشيد النفقات، وتوسيع قاعدة المساهمين، بدل الاقتصار على حلول تمويلية ظرفية.
كما دعا الى رقمنة عمليات الاستخلاص وتوحيد قنوات الجباية لتفادي تضخّم الإجراءات وتبسيط المتابعة المالية والتنسيق الوثيق بين وزارات المالية والشؤون الاجتماعية والتخطيط لضمان انسجام السياسات القطاعية مع الهدف الاجتماعي العام.
كما طالب بتمييز عمليات الإستخلاص والمراقبة للصناديق الإجتماعية بإجراءات خاصة على غرار مصالح الجباية لضمان مردودية أفضل عند مباشرةعمليات إستخلاص مستحقات الصناديق أو لإجراء مراقبة معمقة للوثائق الحسابية.