المقاومة ضرورة موضوعية فوق حزبية والواجب يفرض ابداع طرق الاشتباك مع العدو

الشعب نيوز/ رأي - البعض من الأخوة لديهم بعض اللبس النظري و السياسي الكارثي فيما اتصل بمسألة مقاومة العدو الصهيوني و فصائلها و ادامة الاشتباك معه حتى تحرير الأرض...كل الأرض العربية التي اغتصبها.
يأتي هذا الالتباس من تأثير عاملين مدمرين هما التحيز الايديولوجي المرضي و وهم امتلاك الحقيقة الثورية المطلقة لذلك خسرت الحركة التقدمية العربية كثيرا من جراء هذا التكلس الفكري الذي اجهز على إمكانيات التفاعل الإيجابي في خضم حركة التحرر التي أرادت مشاريع التسوية وأدها و الاجهاز عليها.
و لعل من أحدث مظاهر البؤس في فكر بعض النخب المحسوبة على التقدم و التقدمية هو الموقف المعادي للمقاومة الفلسطينية بعد زلزال 7 أكتوبر 2023 ... فقط لان هذه المقاومة تتصدرها تنظيمات إسلامية أو هي مختزلة في اذهانهم الضيقة في التنظيمات الاسلامية رغم ان التنظيمات العلمانية الوطنية و اليسارية قد تجاوزت هذا العائق الايديولوجي على أرض غزة موحدة مواقفها و بندقيتها مع الحركات الاسلامية في إطار جبهة وطنية جامعة هي التي ادارت عمليا الصمود الأسطوري أمام آلة الدمار و الابادة الصهيوأمريكية.
إعادة ممجوجة للخلافات العقائدية
لا يقرأ هؤلاء حقيقة العلاقات النضالية بين أبناء المقاومة المسلحة المتحدة على الميدان فيحصرون الانتقاد في الاذرع السياسية التي يقيم اغلبها في الخارج في إعادة ممجوجة للخلافات العقائدية بدافع التشكيك في أهداف المقاومة و دوافعها و الحط من منجزها الميداني .
يعمل هؤلاء من حيث يعلمون أو من حيث لا يعلمون على خدمة السردية الصهيونية التي تحاول تفتيت حالة الإجماع على قداسة الفعل المقاوم و التشكيك في جدواه و الصاق تهم الإرهاب به و بفصائله كما يحاول هؤلاء إسقاط الخلافات النظرية على مواطن الإجماع بين الفرقاء السياسيين غير أن ساحة فلسطين محصنة من مثل هذه الاختراقات فلا يوجد بين الفصائل تمييز بين العلماني و الاسلامي بل يوجد فرز بين المقاتل و القاعد و بين الموالي للمقاومة و المتعاون مع الاحتلال لا توجد مناطق وسطى بين رفض الاحتلال و القبول به تحت اي مسمى ....
يحاول هؤلاء قياس الصراع في اوطانهم بين الحركات الاسلامية و الحركات العلمانية على أنه هو نفسه الصراع داخل الأرض المحتلة متناسين أن في اوطانهم لا الاسلامي إسلامي و لا العلماني علماني بالمنظور السائد في ساحات المواجهة مع الصهيوني و عندما نتحدث عن فلسطين فإننا نتحدث أيضا عن لبنان الذي تتوجد فيه القوى الوطنية و التقدمية مع القوى الاسلامية الشيعية و السنية المقاومة حيث تتقلص التجاذبات الايديولوجية أمام اتساع دائرة الإجماع على رفض الاحتلال و توابعه و امتداداته.
خط لا يجوز أن ينقطع أو يتوقف
هذا في عموم الموقف من مبدأ المقاومة اما عن خصوصية ذلك الموقف عند الذين يعتبرون أن الصراع العربي الصهيوني هو صراع قومي محكوم بنواميس و قوانين موضوعية فإن للدكتور المرحوم عصمت سيف الدولة كتابا مهما في هذا السياق عنوانه " التقدم على الطريق المسدود" تناول فيه مسألة المقاومة الفلسطينية تحديدا و ذكر في خاتمة الفصل الخاص بمبدأ مواصلة الاشتباك مع العدو ما يلي :
و ما يزال باب الاجتهاد في الأسلوب مفتوحا إنما نحاول من خلال الأمثلة أن نؤكد خطا لا يجوز أن ينقطع أو يتوقف أبدا في أي مكان و بأي أسلوب هو : مواصلة الاشتباك مع العدو.
و لعمري أن المقاومة في ساحات فلسطين و لبنان و اليمن و من ساحات الاسناد في تونس و الجزائر و إفريقيا و أوروبا و أمريكا و اسيا كلها تجتهد في إبداع طرق الاشتباك مع العدو حتى ينهي عدوانه و يتوقف شره الذي بات يتهدد السلم العالمي برمته.
خالد العقبي