الاكتظاظ في ميناء رادس : حين تتحول الامتيازات إلى عبء... والشركة التونسية للشحن والترصيف تدفع الثمن

اي مصير ل 1454 حاوية تجاوزت اجال المكوث و 186 حاويات المبردة موصولة بالتيار الكهربائي
بقلم : عصام بن عمر كاتب عام النقابة الأساسية للشركة التونسية للشحن والترصيف بميناء رادس - يشهد ميناء رادس، منذ أسابيع، وضعًا تشغيليًا استثنائيًا تميّز ببلوغ عدد الحاويات المتواجدة داخله مستوى غير مسبوق، تجاوز 11.500 حاوية مكافئة (EVP).
هذا الرقم الثقيل لا يُمثل فقط ضغطًا لوجستيًا على الفضاءات والمعدات، بل هو مؤشّر خطير على انسداد منظومة التصرف في الميناء، وتدهور دورة الاستغلال التي ترتكز أساسًا على سرعة إخراج الحاويات وتدويرها.
من أبرز المؤشرات المثيرة للقلق، تسجيل 1454 حاوية تجاوزت آجال المكوث القانونية، وظلت مركونة داخل الميناء دون رفع، بما يشكّل عائقًا ماديًا مباشرًا يؤثر على نجاعة العمل، ويشلّ سلسلة الخدمات المينائية، في ظل غياب آليات ردع واضحة تضمن احترام القانون وتكافؤ الفرص بين مختلف المتعاملين.
لقد أصبحت هذه الظاهرة، للأسف، ممارسة شائعة لدى عدد من الموردين الذين يُبقون حاوياتهم بالميناء لفترات مطولة، متكئين على ضعف منظومة التعريفة المينائية، أو على امتيازات خاصة تُمنح دون ضوابط أو دون متابعة فعلية لمدى احترام آجال الإعفاء أو التخفيض.
هذه الممارسات تحوّلت في بعض الحالات إلى "استراتيجية خزن مموّهة"، دون اعتبار لما تخلّفه من آثار وخيمة على المؤسسة وعلى سير العمل اليومي .
📉 وتتمثل أهم الانعكاسات في:
- تعطيل مردودية السفن وتأخير مواعيد التفريغ والشحن.
- إرهاق معدات الرفع بسبب كثرة عمليات التحريك غير المنتجة.
- تعطيل التسليم في آجاله للحرفاء، وتسجيل حالات تذمر متكررة.
- خسائر تشغيلية تتكبّدها الشركة التونسية للشحن والترصيف، جراء إعادة توزيع الحاويات داخل الساحات لاستخراج حاوية واحدة فقط مطلوبة من قبل الحريف.
🔻 كما أن الفرق الفنية تُجبر يوميًا على تنفيذ عشرات عمليات التحويل من مكان إلى آخر، لمجرّد الوصول إلى حاويات محاصَرة، وهو ما يضاعف الضغط على الموارد البشرية، ويُنهك المعدّات، ويُؤثر بشكل مباشر على التكلفة التشغيلية.
❓وهنا يطرح السؤال نفسه بإلحاح: إلى متى سيُسمح بهذه الممارسات أن تتكرّر دون تدخل واضح من السلط المعنية؟ وكيف يمكن التغاضي عن هذا الإخلال المتواصل الذي يحوّل ميناءً استراتيجيًا إلى ساحة تخزين مفتوحة خارج الضوابط القانونية؟
- ⚠ الأخطر من ذلك، أن هذه الممارسات لم تقتصر فقط على الحاويات الجافة، بل امتدت أيضًا إلى الحاويات المبردة، رغم حساسية محتواها وقصر مدة صلوحته.
فوراء الجهود المبذولة في إطار لجنة متابعة المنظومة المينائية تحت إشراف السيد والي بن عروس، السيد عز الدين شلبي، والتي أوصت بإخراج الحاويات المبردة في أجل لا يتجاوز 10 أيام من تاريخ التفريغ، ما زال الوضع مقلقًا.
🔹 الأرقام تُبيّن ما يلي:
186 حاوية مبردة موصولة حاليًا بالتيار الكهربائي،
من بينها 100 حاوية تجاوزت الاتفاق الحاصل في إطار لجنة المتابعة (10 أيام)،
و20 حاوية تجاوزت مدة مكوثها الأشهر، بما يمثّل خطرًا صحيًا واقتصاديًا حقيقيًا.
🟥 إن الشركة التونسية للشحن والترصيف، كمؤسسة وطنية عمومية، تجد نفسها اليوم في قلب هذه الأزمة، متضرّرة بشكل مباشر من هذه الاختلالات المتراكمة، دون أن تحظى بالدعم الكافي من الأطراف المعنية لإعادة التوازن للنظام المينائي، وضمان حد أدنى من الانضباط التشغيلي.
🔴 وانطلاقًا من موقعنا كهيكل نقابي يدافع عن المرفق العمومي وعن ديمومة المؤسسة، فإننا نوجه دعوة صريحة إلى السلط المعنية وكافة المتدخلين في القطاع من أجل:
مراجعة جذرية لمنظومة الامتيازات والتخفيضات المينائية.
فرض احترام صارم للآجال القانونية دون استثناءات.
تفعيل الردع الإداري والقانوني تجاه الإخلالات المتكررة التي تعطل نشاط المؤسسة وتضرّ بمصداقية الميناء.
🟢 إن ميناء رادس لا يحتمل حلولاً مؤقتة أو إجراءات شكلية، بل يتطلب رؤية إصلاحية جريئة تُعيد الانضباط والشفافية وتضمن التكافؤ بين المتعاملين الاقتصاديين، وتحمي الشركة الوطنية من التآكل التدريجي الذي يُهدد حاضرها ومستقبلها.