ثقافي

مسرحية المرجيحة : النرجسية ليست فقط مرضا

الشعب نيوز / حسني عبد الرحيم - المسرحية الثلاثية الأبعاد عن حيرة النرجسي بين عالمين للمخرج والمؤطر المسرحي الواعد "مروان الميساوي"في فضاء" لارتيستو " مفتوحة كأي عمل إبداعي على تفسيرات متنوعة! فالسوينج هو مرجيحة يتحرك بها الصغار والكبار وهو كذلك نوع من موسيقى الچاز الامريكي ورقصة معينة وكلها تدور حول محور ثابت وتتحرك علوآ وهبوطأ حوله !اختار المخرج ذلك للتعبير عن التثبت النارجسي لمصور يتوهم حب إمرأة جميلة تتأرجح حول جمالها النارجسي وهو يتأرجح حول جماليات الصورة التى تشكل روحه وعقله!تلاقي النرجسيين ليس مصادفة بل إنجذاب طبيعي يؤدي لعلاقات مستحيلة وأحيانآ مدمرة!

على الرغم من التشابه بينها يفرقهما نرجسية حب الذات وما تمثله كمركز للشخصية وليس حب الغير بل الإستحواذ على إعجابه وعندما لايحدث هذا ينهار النرجسي اللذي يعشق ذاته ويتوهم أن العالم عليه عشقه كضرورة لنموه وسيطرته.

لم يترك المخرج الطرفين النارجسيين يتصارعان على حب التملك الواحد للآخر بل أضاف للمشهد طرف ثالث ربما يكون المخرج ذاته يتحرك بينهما لكي يفشي اسرار الحوار النارچيسى المقدم في صورة غرام صعب على التحقق وإذا تحقق يسبب تدمير أحد الطرفين أو كليهما !يتحرك المخرج بكشاف ضوئي وينصب شبكة معدنية تقسم الرُكح بين عالمين عالم الواقع وعالم التخيلات النارچيسية !ويقف النارچسي في جانب من الشبكة محطمأ يستعرض صور النساء اللائي أحببن نارجسيته بتوله!لكن هذه المرأة يفشل معها لإنها تمارس نارجيستها الخاصة والمتحمورة حول جسدها الجميل وهو التي تعشقه وحدها وترفض إعطاؤه ليلتقطه المصور النارچيسي العاشق ليستحوذ عليه كموضوع لتملكه فينهار ويهذي عن فتوحاته السابقة التى لم تكن سوى صورة نفسه .

النرجسية ليست فقط مرض شخصي بل صارت ظاهرة إجتماعية وهذا ما جعل الفيلسوف "چيل ديلوز" يخصص لها كتابه (الرأسمالية والنرجسية) وعلى مسرح الحياة السياسية المعاصرة نرى تجسدها في بلاد عديدة في صور متعددة اشهرها للغواية النرجسية المدمرة للذات والعالم والمحبين .طبعآ الأسطورة اليونانية تحكى عن نارسيس الذي افتتن بصورته على صفحة الماء فقفز ليعانق صورته فغرق في البئر محبآ لنفسه فقط حتى الموت! العرض سيعاد مرات في خلال الشهر الكريم وهو عرض متميز في الرؤية الإخراجية والتمثيل وهو مادأب علي تقديمة هذا الفضاء الصغير والثري بأعماله.

على الرُكح مثل بإقتدار بالغ كل من" سيرين بن مراد"و "إيهاب البويحي" و"بسام بوعبيد" والإخراج المتميز ل"مروان الميساوي" بمساعدة"سحر النصراوي"وملابس "سمر المشري وصوت وإضاءة وموسيقى "جمال الجواني"