وطني

الممثل والمخرج أحمد امين بن سعد: على قيادات الاتحاد والرئيس قيس سعيد عدم نسيان أنهم إقتسموا في وقت ما المبادئ نفسها

الشعب نيوز / صبري الزغيدي - بيّن الممثل والمخرج أحمد امين بن سعد ان الإتحاد العام التونسي للشغل يتعرض اليوم لحملة  وصفها بالغريبة وبالعجيبة، لم يفهم أسبابها ورهاناتها، وتساءل عمّن يقف خلفها، ومن هي الجهة التي من مصلحتها أن توقع بين منظمة شغيلة تصدح بضرورة التمسك بالسيادة الوطنية والعمل على حل مشاكل الشركات الوطنية بشكل عقلاني والبحث عن روافد تنمية جديدة مع المحافظة على المكتسبات العظيمة لثورة التونسية، وهي حرية التعبير والتنظم وكل الحريات العامة والفردية، وبين سلطة سياسية ذات ملامح ثورية واضحة وهمّ وتفكير في مستقبل الوطن وأمنه بكل أصعدته وتمسك معلن بالحرية والاستقلالية وبالسيادة الوطنية، حسب رأيه.

احمد امين بن سعد أكد في حديث للشعب نيوز أن العمل النقابي تقليد تونسي عريق ولا يمكن لأي كان أن يسحبه من أيادي الشغالات والشغالين الذين خبروا على مدى عقود السجون والمضايقات، ولا يمكن لسلطة سياسية أن تخيفهم، ولكن عليهم أيضاً التمسك بمنظمتهم وبقوانينها وأهمية الديمقراطية والشفافية داخلها وحسن سير عمل هياكلها وتطبيق لوائح مؤتمراتها وهيئتها الوطنية ومؤسساتها التأديبية، والتمسك بعلوية القانون على الجميع وبالتأكيد أن بطحاء محمد علي محجّ للمناضلين والمبدعين الوطنيين.

ولفت بن سعد الى ان الرئيس قيس سعيد من حقه ومن واجبه أن يرفع عاليا صوته وفعله نحو محاربة الفساد المستشري في كل جسم الوطن، ولكن ليس من حقه خلط الحابل بالنابل والزج بقيادات نقابية في السجون وضرب العمل النقابي والحق في الاضراب، ولا يمكن لحملة تضع نصب عينيها تحرير البلاد من براثن الفساد أن تقوم دون استراتيجية دقيقة تحمي الحملة ذاتها من الأخطاء والمزالق والمظالم الخطيرة والتي لن يطويها النسيان بسرعة.

كما أشار في حديثه الى انه من الغريب أن تحاول السلطة التنفيذية عبر أذرع أخطوبوطية وتحت مسميات عدة في التحكم في الحياة النقابية بدعوى تطهير المنظمة من شوائب نوفمبرية أو إسلاموية ومفيوزية وغيرها، ولكن ذلك يدل أيضا على أن الاتحاد في حد ذاته لم يفعّل في الآونة الأخيرة بالقدر المطلوب هياكله النقابية التأديبية الداخلية من لجنة نظام وغيرها، مما جعل القيل والقال في حق السلطة لا حدود له والشائعات لا حدود لها حتى قيل أنه باطل أريد به حق، أو أنه على الأقل حق أريد به باطل، لافتا الى ان مناصري  الرئيس استباحوا أعراض وتاريخ مناضلين نقابيين لا غبار عن تاريخهم البطولي، ناضلوا وراكموا حتى وصلنا للحظة حرية وانتخابات نزيهة جعلت من أستاذ القانون رئيس دولة وسمحت لهم حتى يكونوا أنصارا له.

وبيّن انه شخصيا لا يخفي مناصرته لمسار 25 جويلية وحتى لخطوات دقيقة وجميلة يقوم بها الرئيس قيس سعيد ومن أخلص من حوله كانت تبدو حلما يراها مرة أخرى نتيجة طبيعية لتقدم الثورة ومسارها رغم العوائق، مشيرا الى انه متخوف من أن الخطوات المنجزة والضربات الصائبة، لا تزال في خانة فرجوية عامة توحي بالثورة والتقدم ولكنها، لا تحقق شيئا لشعب جائع.

واكد بن سعد  أن على الدولة تحمل مسؤوليتها في التقدم بشعبها نحو الانعتاق ووضع ذلك في نصوص صارمة لا يسمح بالتراجع فيها، كقضية المساواة بين الجنسين والحريات عموماً وهذه قضايا لا تقبل التأجيل، ولكن تجربة الزعيم بورقيبة في خوض غمار المعركة وحده أو فقط مع من تقرب من بلاطه أثبتت اليوم أن بين الدولة والمجتمع هوة سحيقة خلفها منع المجتمع المدني الحر والمستقل من القيام بدوره بكل حرية ومسؤولية، قائلا: "ان الشعب التونسي مجموعة من المواطنين الواعين والثائرين وله حفنة من تراب ولا رعية تنتظر نبوغ الراعي حتى يصل بها ينبوع الماء".

بن سعد اكد ايضا انه لا يمكن خوض معركة التطهير في الساحة السياسية مثلاً، دون التطهير قبل ذلك في المؤسسة الأمنية والقضائية وغيرها، مشيرا الى انه ليس متابعاً فذا لقضايا السياسيين القابعين في السجون اليوم ولكنه يرى أن التحري والبحث في قضايا تتعلق بحرية التعبير يجب أن تكون في حالة سراح ودون مماطلة قضائية، مبيّنا ان  القضاء قد لا يقصد ذلك ولكن زمن التقاضي في تونس  يجعل أي ذي عقل يفكر قبل الإيداع بالسجن، وان حرية التعبير ليست منة ، بل هي ممارسة يومية يقوم بها المواطن و خاصة الصحفي و الفنان و غيرهم بقطع النظر عن مدى إيمان النظام القائم بذلك، يقوم بها بقطع النظر عن نتائجها، و ليست هبة لشخص دون غيره أيضا.

في السياق ذاته، دعا بن سعد  قيادات الاتحاد والرئيس قيس سعيد الى عدم نسيان  أنهم إقتسموا في وقت ما مبادئ معينة و مزال بوسعهم أن يعملوا معا نحو الرفاه و السيادة وهم يذكّرون بعضهم البعض بأن الحق في الحياة و الحرية و عدم المس بالحرمة الجسدية و الحقوق و الحريات العامة و الحقوق الإجتماعية و الحق في الإضراب و حرية التعبير و الإختلاف في الرأي هي شموع تضيء الطريق و لا تعيقه، وان أصغر طفل في العائلة التونسية يُستشار قبل تقرير مصيره، فمابلك بشعب.

مدّ ثوري

بن سعد في خضم حديثه مع الشعب نيوز أبرز ان موقفه  لا يخلو من خصوصية شخصية، باعتباره  وُلِد لأبٍ نقابي في قطاع البنوك وفي جهة بنزرت أساسًا، حيث  يُعتبر الاتحاد خيمة المقاومة الوحيدة في ذلك العصر النوفمبري الثقيل، حتى انه كان يسترق السمع لهمسات والده ورفاقه حول نقدهم للقيادة النقابية أنذاك، والتي كانوا يعتبرونها تُجاري النظام أو على الأقل تجامله. ولكنهم كانوا أيضًا يتمسكون بمواقعهم داخل المنظمة كقواعد وقيادات جهوية ومحلية وقطاعية، ليس فقط من خلال الاجتماعات والإضرابات وغيرها من أساليب النضال، ولكن أساسًا من خلال عمل دؤوب على التوعية والتثقيف بجميع الوسائل، وكان الفن، سواء أدبًا، أو شعرًا، أو موسيقى، أو مسرحًا، أو سينما، في طليعة هذه الوسائل، حتى أنه نهل  من ذلك وأثر ذلك في تكوينه واتجاهاته.

بن سعد ذكّر بتقدم المد الثوري، سواء في أحداث الحوض المنجمي أو في الثورة التونسية المجيدة، وكان وقتها في الصفوف الأمامية للاتحاد العام لطلبة تونس، لم تجد المنظمة الشغيلة نفسها خارج السياق، بل كانت معظم التحركات بقيادة وتأطير مناضلين رائعين في الاتحاد، أصبحوا بعد الثورة قيادات.

بن سعد اعتبر أن لحظة 25 جويلية وما قبلها من نضالات الشباب والطلاب والعمال والسياسيين والصحافيين والفنانين والأكاديميين، وخاصة مبادرة الأستاذ قيس سعيد، تواصلا سلسًا لذلك العمل المضني الذي قاده المجتمع المدني والاتحاد على وجه التخصيص، فلم تكن الثورة التونسية تنتظر أكثر من ذلك حتى تنتفض من رمادها وتتخلص من قوى الشد إلى الوراء، حتى يعود لها بريقها ويشتعل الأمل الثوري من جديد في ضمائر المناضلين والمواطنين، حسب اعتقاده.