وثائقي

مذكرات العميد منصور الشفي (11) عن أزمة 1965: بورقيبة يأمر بسجن عاشور ويعلن اطلاق سراحه لنقابيين اجانب

في الصورة المرافقة من اليمين الحبيب عاشور والى اليسار الحبيب بورقيبة وبينهما محمد الصياح مدير الحزب 

هذه حلقة جديدة من مذكرات كتبها خصيصا لجريدة الشعب سنة 2009، المحامي الأستاذ منصور الشفي عميد المحامين لاربع دورات متتالية وفيها تفاصيل عن اطوار محاكمة الزعيم الحبيب عاشور في حادثة الباخرة التي استغلتها السلطة الحاكمة آنذاك لابعاده من قيادة الاتحاد.

 

بعد بضعة ايام عدت لزيارة الحبيب عاشور في سجن صفاقس وكنت مرفوقا بعائلته وهناك قال لي انه مجبر على إذاعة سرّ لي وليس له خيار اخر طالبا مني الاحتفاظ به. فقد اعلمني باتفاقه مع احمد التليلي على ابقاء الصلة مستمرة بينهما بواسطة محمد كريم – هو نقابي من صفاقس كان وقتها رئيسا مديرا عاما لشركة الخطوط التونسية - طالبا مني الاتصال بهذا الأخير لإعلامه بتطورات القضية.

سرّ محمد كريّم للامر، لذلك كان واثقا مني كل الثقة ولم يتردد لحظة منذ ذلك التاريخ في القيام بما يطلب منه.

 

أمين عام السيزل

وقد علمنا فيما بعد ان الحبيب بورقيبة عندما كان يتهيأ لعقد مؤتمر الاتحاد يوم 31 جويلية 65 والذي سينصب فيه البشير بلاغة والي تونس العاصمة امينا عاما للاتحاد، استقبل الامين العام الجديد للسيزل (أومار بيكي) الذي جاء الى تونس لحضور مؤتمر التنصيب فأعلن امامه بأنه سيطلق سراح الحبيب عاشور.

كان بيكي يعلن رسميا باسم السيزل تضامنه مع الحبيب عاشور الامين العام الشرعي للاتحاد ولكن تضامنه مع عاشور لم يمنعه من الابقاء على علاقته الرسمية بالاتحاد العام التونسي للشغل ومن هذا المنطلق حضر الى تونس مع وفد كبير من المسؤولين النقابيين بأوروبا وكانوا في اغلبهم اصدقاء لعاشور لحضور مؤتمر الاتحاد لان اهم المنظمات النقابية مثل النقابات الالمانية والنقابات الايطالية والفرنسية والاسبانية وبعض النقابات السورية اعلنت تأييدها التام للحبيب عاشور ووقوفها الى جانبه وكانت في تلك الفترة تتهاطل على مكتبي بوصفي محامي الحبيب عاشور عشرات البرقيات التي يعلمني فيها اصحابها بتضامنهم مع الحبيب عاشور واعتقد ان ذلك كان بسعي من احمد التليلي ومنذ ذلك الوقت نصبت حراسة مشدّدة على مكتبي وعلى مكالماتي الهاتفية.

هيئة وقتية

وبمجرّد ان دخل الحبيب عاشور السجن حتى اذن الحبيب بورقيبة بتكوين هيئة وقتية لتسيير الاتحاد العام التونسي للشغل كان على رأسها النوري البودالي الذي بمجرّد تنصيبه توجه الى أمستردام لحضور مؤتمر السيزل وكان احمد التليلي هو الممثل للحبيب عاشور بمقتضى توكيل مسلم له منه.

لقد كان المطلوب من مؤتمر السيزل التصويت على أحد الطرفين يكون هو ممثل للاتحاد العام التونسي للشغل وعلى خلفية ترشيح احمد التليلي لمنصب الامين العام للسيزل ليتنافس على المنصب مع اومار بيكي،أفرز التصويت اعطاء صفة تمثيل الاتحاد العام الى النوري البودالي والذي صوّت فيما بعد ضدّ أحمد التليلي عندما ترشح لمنصب الامين العام.

 

طرد من الحزب والبرلمان

وفي يوم 29 جويلية 65 أعلن عن طرد الحبيب عاشور وأحمد التليلي من الديوان السياسي ومن الحزب وتبعا لذلك اطردا من مجلس النوّاب وإنعقد المؤتمر الذي إنتخب البشير بلاغة آمينا عاما للاتحاد يوم 31 جويلية 65 وتمّ انتخاب مكتب تنفيذي ضمّ عامر بن عائشة ومصطفى مخلوف وعباس حكيمة والحبيب الشاوش والموالين لخط الوزير أحمد بن صالح كل من محمود بن عزالدين والبشير بن سليمان والحبيب طليبة والنوري البودالي