ثقافي

المنستير: روائيون ونقاد يبحثون مسألة « الرواية والعامية » في الدورة الثانية من احتفائية الرواية التونسية

الشعب نيوز / كاظم بن عمار - تحت عنوان « الرواية والعامية » نظم بيت الرواية بتونس أيام الجمعة و السبت و الأحد 2 و3 و4 جوان 2023 الجاري بالمنستير الدورة الثانية من احتفائية الرواية التونسية، بعد الاحتفائية الأولى التي أقيمت موفى العام الماضي في مدينة طبرقة تحت عنوان « رواية الثورة وثورة الرواية ».
والتأمت هذه الدورة الثانية بدعم من مؤسسة تأمينات كومار والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالمنستير والمعهد العالي للغات المطبقة بالمكنين وجامعة المنستير، بمشاركة ثلة من الجامعيين والروائيين.
وعن اختيار موضوع التظاهرة بينت مديرة بيت الرواية آمال مختار، أن العامية في الرواية التونسية أصبحت ظاهرة لافتة إذ دخلت مجال القص بصفة عامة ومجال الرواية بصفة خاصة وأشارت إلى أن فترة ما بين الحربين العالميتين اضطربت فيها المقاييس واختلت القيم ومنذ ذلك الحين بدأت العامية تحاول أن تجد مكانها والخروج من القيم الثابتة والسخرية من كلّ شيء بما في ذلك اللّغة فتعددت المعاجم اللغوية في النص (من ذلك ظهور جماعة تحت السور في تونس).
وصارت العامية في مرحلة ثانية مع البشير خريف جزءا لا يتجزأ من الفكر الوطني التونسي خاصة بعد الاستقلال وأصبحت عنوان هوية، وعرفت مرحلة ثالثة مع الثورة وما بعدها حيث تميزت، بطغيان العامية على الرواية وظهور نصوص كاملة بالعامية وهي مرحلة ضياع البوصلة تماما مع وسائل التواصل الاجتماعي وظهور جمهور قارئ ربّما ليست له الخلفية الثقافية ويستسهل القراءة ويفضل النصوص القريبة منه التي تحدثه عن حياته اليومية والتي لا تمثل مستوى جماليا كبيرا باعتبارها نصوص للتسلية لا يشترط فيها أية جمالية معيّنة وفق الأستاذ الجامعي محمّد القاضي.
ووفق محمّد القاضي، لا تندرج الرواية باللّغة العامية التونسية ضمن تقليد أدبي راسخ فمن يكتب رواية لابّد أن يكون قد قرأ قبل ذلك الروايات الكبرى ليبني عليها ويطور الرصيد الروائي أي لابّد من الانطلاق مما هو مؤسس أمّا البدء من الصفر فهذا لا يجوز في الأدب وفق تقديره، ولا يكون بالتالي ما يكتب بالعامية أدبا إذ لا تتوفر فيه الجمالية المطلوبة في جنس الرواية.
وترى الشاعرة نبيهة العيسى أنه يمكن كتابة رواية بالعامية وتعتبر أدبا في حال فيها نوع من الجمالية ولكن لا نستطيع اعتبارها أدبا انسانيا بل تبقي أدبا محليا. واعتبرت أن إشكالية الترجمة تظل قائمة إذ أنّ ثلاثة أرباع الطاقة التعبيرية للعامية عند محاولة ترجمتها للفصحى أو إلى لغات أخرى تفقد وبالتالي فهي تبقى لهجة محلية يمكن أن نستخرج منها صورا فنية جميلة محلية.
ومثلت هذه الندوة التي استمرت على مدى ثلاثة أيام، فرصة تم خلالها إثارة عدّة قضايا تتعلق بظاهرة الكتابة بالعامية وهي لغة تواصل وتأثير ولها العوامل الجمالية التأثيرية المتعددة التي يمكن أن تدخل في اللّغة العربية التي يمكن أن تستقبل العامية بأشكالها المختلفة سواء في مستوى الحوار أو التركيب السردي وهذا لا يمنع أن تظل العامية التونسية حيّة والفصحى قائمة في كتابة وتتواصل فيها الفصحى مع العامية فالقول بوجود تناقض بين الفصحى والعامية وهم لمن يعرف الكتابة حسب ما بينه الأستاذ الجامعي الهادي الجطلاوي المتحصل على جائزة النقد الأدبي للمعرض الوطني للكتاب لسنة 2023.
ويعتبر الهادي الجطلاوي الذي اشتغل على النصوص المكتوبة بالعامية بأنّها موضة لن تستمر كثيرا وأنه لمعرفة وفهم أسباب هذه الظاهرة لابّد من إحصائيات تبيّن إن كان هناك أبعاد فنية أو أبعاد تيسيرية، لأنّ العامية في تقديره « سهلة وفي المتناول »، متسائلا أن العامية جهاز يعوّل عليه لكتابة النص السردي؟
ويشكك الجطلاوي في ذلك معتبرا أنّ اللغة الفصحى هي المضطلعة بهذه المهمة غير أنّها « ليست وحدها إذ أنّ العامية لديها أيضا قدرة على التبليغ والتأثير ». وأضاف قائلا : يمكن أن تكون الفصحى الإطار الذي تنضوي فيه العامية وتحتضنها ويتشارك الاثنان في خدمة الإبداع الأدبي.
وتؤكد من جهتها الجامعية والشاعرة والروائية رفيقة البحوري المتوجة بجائزة الاكتشاف للكومار الأدبي عن روايتها « زمن الهذيان »، أنّ كلّ مبدع له حرية الكتابة باللّغة الراقية المفهومة والصدامية التي يريدها والقارئ هو من يغربل وهذا كمقياس للأدب الذي يمكن أن يكون مختلف الأشكال.
وبينت أن العربية الفصحى « تحمل زادا ولها قواعدها وهي مقننة ويمكن أن يفهمها أي انسان عربي مهما كان وطنه » مما يخلق تواصلا في حين أنّ العامية مرتبطة عادة ارتباطا عضويا بمكان معين لا حتى بوطن وبالتالي فهي متحوّلة ولا ثبات فيها ولا تستطيع أن تخلق استمرارية بالرغم من أنّها تجد صدى كبيرا لأنّ فيها طاقة تعبيرية قوية تعبّر عن اللحظة فهي لغة الآن والهنا.
وترى البحوري أنه لا وجود للشمولية في اللهجات وبالتالي فإنّ الأدب المكتوب بالعامية مهم لقرائه ويعبّر عن أشياء يتجاوبون معها ولكن لن تكون له استمرارية في الزمان حسب تعبيرها.

لمزيد من الأخبار  حمّلوا تطبيقنا Echaabnews عبر  AppGallery و فعّلوا زر الإشعارات ( Notifications) كي يصلكم كل جديدنا