آراء حرة

" الدويرات: سِيَرْ، عايلات وعروش" أوعندما يجد النقابيون التربة اللازمة لزرع الفكرة الوطنية

 [خصص الزميل الكبير والصديق المحترم علي الدويري سعيدان الحلقة الرابعة من " حكايات خاصة " التي ينشرها منذ أيام لمنطقة عزيزة على قلوبنا جميعا وهي الدويرات تحت عنوان " الدويرات: سِيَرْ، عايلات وعروش". أثار المكتوب اهتمامنا بالنظر خاصة لما جاء فيه حول النقابيين، فقررنا نشره تعميما للفائدة وحافظنا عليه كما كتبه سيدي علي او بالأحرى كما رواه، اذ للكاتب طريقة متفردة في صياغة ورواية نصوصه.]


 
يكتب/ يروي علي الدويري سعيدان:

بداية القرن العشرين كانت بمثابة صدمة الحداثة للناس العاديين في بلادنا كيف ما كانت للمصاروة حملة نابليون وللجزائريين معركة منافي كاليدونيا...من مظاهر هالصدمة، مثلا، عودة المجندين قسرا من الحرب العالمية الاولى، صدمة عمال المناجم في الدوامس، الانهيار النفساني لخدامة مقاطع الحجر قدّام تفجيرات الديناميت... 
مخلفات صدمة الحداثة تأثيرها في العامة غير تأثيرها في المتعلمين و"النخبة". نلقاو هالوصف بالتفصيل في مقال لوالتر بنيامين فيلسوف مدرسة فرانكفورت الالماني. 
عندنا باش يكون تأثيرها في الأبعاد الثلاثة اللي مبني عليهم توازن التونسي الشعبي، واللي هوما:
-الدولة.
-القبيلة.
-الطريقة.
• عدد كبير من اولاد القبايل تشتتوا بسبب افتكاك الاراضي من طرف المعمرين والا من طرف الكبانيات الرأسمالية الإستعمارية كيف بون قالمة (compagnie de chemin de fer Bône-Guelma) وكبانية شمندفير صفاقس قفصة وغيرها. 
الافراد يحسوا ارواحهم مخذولين من :
• الباي اللي مشروط عليه حمايتهم.
• من قياد القبايل اللي ما عادش عندهم سلطة.
• من زاويتهم وطريقتهم والمقدمين متاعها يلهفو في مداخيلها.

الجرايد والشعراء ونشر خطاب الوطنية
بداية نشر الخطاب متاع الوطنية على طريق الجرايد الجدية والهزلية، اهتمام الشعراء الشعبيين بهالجانب كيف علي شراد والا بن سليمان وشقرون، عطى للشعر وللشعراء شرعية جديدة ما تفتطنولهاش لحاسين الاقلام متاع حركة تونس الفتاة والمتعلمين اللي قعدو في نفس القطيعة اللي سادت في القرون الفايتة. 
في الاوساط الشعبية متاع اولاد البلاد العميقة باش يلقاو النقابيين والوطنيين تربة لزرع الافكار الجديدة باش تساهم في ولادة الحركة النقابية التونسية. 
صحيح اللي ماهوش باش يغيب على هالحركة الحس متاع القبيلة والا العرش والا الجهة ولكن الشيء الجديد ان الحس متاع القبيلة والا الجهة والعرش ما هوش هو اللي يتحكم اما هو في خدمة حاجة جديدة وليدة الصدمة مع الحداثة : يحب يقول تحول الناس من نمط انتاج تقليدي الى نمط انتاج ما ينطبقش عليه حتى عبارة رأسمالي... هالتحولات الكبيرة باش تساهم في حصول الأفراد على حرية قرارهم واستقلاله من العرش والقبيلة وبروز الحس والوعي الوطني -مهما كان بدائي- يتحمل تبعاته الفرد وموش العرش والا القبيلة.

محمد علي والطاهر الحداد وعبدالرحمان الكافي
في الوقت اللي حزب الدستور القديم كان بطبيعة تكوينه متجه للنخبة والخاصة كان من الطبيعي انه ما يكسبش اهتمام العامة اللي كانت اقرب للنقابة ومحمد علي والحداد والا للشيوعيين بالخدمة والدعاية متاع شاعر كيف عبد الرحمان الكافي. 
بعد ما تمت محاصرة الحامي ومحاكمته ونفيه، وتكبيل الحداد وفي جرته الشابي واتهامه بالجنون، كان الانسلاخ من الحزب القديم عبارة على الجواب لانتظارات طالت مدتها باش تتحقق وباعداد وافرة من ابناء الجنوب المقيمين في الحاضرة وباش يكون لبعض الاسماء البارزة من الدويرات الدور الحاسم لتكوين جامعة الجنوب مع الاستاذ محمد المرزوقي. وباش يكون خاصة للي اكتسبوا نصيب من المعرفة العصامية والا اللي قراو بعض الشيء في الكتاتيب والا فروع جامع الزيتونة. 
عوازقية، سعادنية جنَّاي، مازيغ، لوشم، ورق، خميرة، قشوط، بن عمارة، بوصريرة، بوشريحة، بن يدر وغيرهم وغيرهم باش يكونو ألنواة الاولى متاع شبكة الدساترة الدويرات وباش يتحملو اعباء تبعاتها في مراحل اليسر كيفما في العسر.