الاتحاد يراسل الحكومة ويرفض الفصل 15 ويعتبره "سابقة تاريخية" في الحوار الاجتماعي

الشعب نيوز / المحرر - وجه الاتحاد العام التونسي للشغل يوم السبت 22 نوفمبر 2025 مراسلة إلى رئيسة الحكومة، السيدة سارة الزعفراني الزنزري، للمطالبة بالفتح الفوري للتفاوض.
كما عبر في هذه المراسلة عن رفضه المطلق للفصل 15 من مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي ينص على ضبط الزيادات في أجور العمّال في القطاعين العام والخاص بمقتضى أمر، وقد وصفه الاتحاد بـ "السابقة التاريخية" التي تهدد أسس النموذج الاجتماعي التونسي.
حوار اجتماعي معطل وخرق للمواثيق الوطنية والدولية
وتعد هذه المراسلة التي وجهها الاتحاد العام التونسي للشغل واحدة في سلسلة من المراسلات تجاوزت الخمسة عشرة دون رد من حكومات كل من بودن والحشاني والمدوري المتعاقبة لتؤكد استمرار سياق تعطّل الحوار الاجتماعي بين المركزية النقابية والسلطة القائمة مما يشير إلى انقطاع طويل في قنوات الاتصال على أعلى مستوى في الدولة.
ويعتبر الاتحاد أن تعطيل الحوار الاجتماعي، الذي يمثل ركيزة أساسية للنموذج التونسي منذ عقود، خرقاً للمواثيق الوطنية والدولية فالحوار الاجتماعي، بحسب المراسلة، ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو آلية دستورية وقانونية تضمنها الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل الدولية التي صادقت عليها تونس، وتفرض على الدولة التشاور والتفاوض مع الأطراف الاجتماعية (النقابات وأرباب العمل) في كل ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة الأجور وظروف العمل.
وقد أكدت المراسلة على أن تجميد هذه الآلية يمثل تجاوزاً صارخاً لمبدأ التشاركية ومصادرة لحق المنظمات الاجتماعية في ممارسة دورها التمثيلي.
الفصل 15 من قانون المالية: سابقة غير قانونية ولا دستورية
في مراسلته، عبر المكتب التنفيذي للاتحاد، عن أربع مواقف أساسية، تتصدرها نقطة الرفض القاطع للفصل 15 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 معتبرا ذلك "قرارًا غير قانوني ولا دستوري" يهدف إلى "إقصاء الأطراف الاجتماعية ومصادرة دورها في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية".
وتكمن عدم قانونية هذا الفصل في كونه يتعارض مع المبادئ الأساسية للتفاوض الجماعي، حيث أن تحديد الأجور في القطاعين العام والخاص يتم تقليدياً عبر اتفاقيات مشتركة ومفاوضات قطاعية بين الحكومة والمنظمات النقابية والمهنية إذ ان تحويل هذه المسألة إلى أمر يصدر بمقتضى قانون المالية هو تجاوز لصلاحيات قانون المالية الذي يقتصر دوره على ضبط ميزانية الدولة وتحديد مواردها ونفقاتها، وليس التدخل في آليات التفاوض الاجتماعي وتحديد الأجور بشكل أحادي إلى جانب أنه يصادر حق التفاوض الذي يعد حقاً أصيلاً للعمال والمنظمات النقابية، وهو حق محمي بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية زيادة على أنه سابقة خطيرة تضرب النموذج الاجتماعي التونسي القائم على التوازن بين الأطراف الاجتماعية وتفتح الباب أمام المركزية الأحادية في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالقدرة الشرائية للعمال وقد طالب المكتب التنفيذي بسحب هذا الفصل.
المفاوضات العاجلة
تطالب المركزية النقابية بالسحب الفوري للفصل 15 والدخول في مفاوضات عاجلة لزيادة أجور أعوان الوظيفة العمومية والقطاع العام والمتقاعدين ووضع قاعدة لذلك تستند إلى نسبة التضخّم الحالية، تضاف إليها نسبة النموّ السنوية ونسبة تدهور المقدرة الشرائية الحقيقية للأجراء.
تطبيق الاتفاقيات
وقد جدد الاتحاد في مراسلته المواجهة إلى الحكومة المطالبة بتطبيق اتفاقية 6 فيفري 2021 وتنفيذ الاتفاقيات القطاعية الممضاة مع العديد من الوزارات وهي اتفاقيات تم تضمين مفعولها المالي في قوانين المالية 2023 و2024 دون أن تفعل أو ترى النور.
المفاوضات في القطاع الخاص
يشدد الاتحاد في مراسلته بتاريخ 22 نوفمبر 2025 الجاري على ضرورة استئناف الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية للمفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بعنوان سنة 2025، والشروع في مفاوضات حول الزيادة لسنة 2026.
تصعيد في حدة التوتر
تؤكد هذه المراسلة على إستنفاد قنوات الاتصال، حيث يذكر الاتحاد ب"مراسلاته المتعدّدة السابقة" لطلب عقد جلسات تفاوض و إتباع الحكومة سياسة التجاهل.
يذكر أن المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل المنعقد أيام 5-6-7 سبتمبر 2024 قد أقر مبدأ الإضراب العام في صورة تواصل غلق باب التفاوض، وأكدت الهيئات الإدارية المنعقدة بعد ذلك إقرار الإضراب العام و ينتظر أن تحدد الهيئة الإدارية التي تنعقد يوم 5 ديسمبر 2025 تاريخ هذا الإضراب الذي يأتي بعد سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات القطاعية في الفلاحة و النقل والتعليم الأساسي و أسلاك التربية والبنوك بعد قطع الحوار الاجتماعي من قبل الحكومة.