مؤتمر مجمّع اتصالات تونس : أسئلة كبرى حول دور الشريك الاستراتيجي، الحوكمة، الحوار الاجتماعي، ومستقبل المؤسسة

الشعب نيوز / نصر الدين ساسي - ينعقد اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 المؤتمر الانتخابي لمجمّع اتصالات تونس برئاسة الأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد للإتحاد المسؤول عن قسم الإعلام والاتصال ويأتي هذا المؤتمر في ظرف دقيق تمرّ به المؤسسة وفروعها وسط تراكم ملفات تقنية ومالية وهيكلية تُعدّ من بين الأعمق منذ سنوات.
ويأتي هذا المؤتمر ليشكّل محطة محورية لإعادة قراءة واقع الشركة واستشراف توجهاتها القادمة، في ظل غياب رؤية واضحة وتعطل مسارات التفاوض وتراجع مؤشرات الأداء.
أولى المحاور المطروحة للنقاش تتمثل في أزمة تنفيذ الاتفاقات الاجتماعية، حيث أشار عدد من المتدخلين إلى توقّف العمل بجملة من الاتفاقيات منذ سنة 2021، خاصة تلك المتعلقة بمراجعة المنح وبرامج الدعم الفني داخل المؤسسة.
هذا التعطيل ألقى بظلاله على المناخ الاجتماعي ومردودية الجهاز البشري، وخلق فجوة متزايدة بين الأعوان والإدارة.
وفي محور آخر، يبرز ملف الشريك الاستراتيجي باعتباره أحد أكثر النقاط حساسية. فقد أصبح غياب هذا الشريك عن القيام بدوره المأمول في دعم التسويق والتوجهات المستقبلية محطّ تساؤل واسع. ويتزامن ذلك مع تسجيل انخفاض لافت في رأس مال المؤسسة يناهز 20% خلال السنتين الأخيرتين، إلى جانب تراجع قيمة السهم من 10 دنانير إلى 7.5 دنانير خلال فترة تجاوزت الخمس سنوات.
هذه المؤشرات المالية تمثل جرس إنذار حول حاجة الشركة إلى مراجعة خياراتها الاستثمارية وسياسات الحوكمة المعتمدة.
كما سيناقش المؤتمر إشكاليات مرتبطة بـالضغوط المتزايدة على الموارد البشرية، في ظل توسّع الخدمات والمهام دون توفير الانتدابات والإمكانيات الضرورية مما يطرح هذا تحديًا حقيقيًا على مستوى جودة الخدمات، خصوصًا في قطاع يعتمد على الكفاءة التقنية والجاهزية المتواصلة لتأمين الشبكات والبنية الرقمية.
ويمتد النقاش كذلك إلى الطابع الاستراتيجي للمؤسسة باعتبارها مرفقًا عموميًا يرتبط بأمن الدولة الرقمي وسيادتها وبحوكمة البيانات الوطنية.
هذا الجانب يفرض رؤية جديدة ترتكز على تعزيز مكانة اتصالات تونس في الفضاء السيادي الرقمي، وضمان استدامة دورها الاقتصادي والاجتماعي في سوق اتصالات يشهد منافسة متسارعة.
ومن المحاور الجوهرية أيضًا غياب الحوار الاجتماعي داخل مؤسسات المجمع، وهو أحد الأبعاد التي أثّرت بعمق على العلاقة بين الطرف النقابي والإدارة.
إذ يتجه المؤتمر إلى وضع هذا الملف ضمن أولويات المرحلة القادمة عبر دعوات لإعادة فتح التفاوض وإرساء آليات شفافة وفاعلة لإدارة الخلافات ومتابعة تنفيذ التعهدات.
كما يُنتظر أن يناقش المؤتمر كيفية إعادة هيكلة العلاقة بين المؤسسة وفروعها ومؤسساتها الشريكة، خاصة تلك المختصة في الخدمات التقنية والتفاوض حول الشبكات، بما يضمن تحسين الحوكمة ووضوح الأدوار داخل منظومة عمل متشابكة.
ويأتي هذا المؤتمر ليجمع بين التشخيص والاستشراف، في لحظة تحتاج فيها المؤسسة إلى قرارات شجاعة تعيد ترتيب البيت الداخلي وتعزّز ثقة العاملين وتؤمّن استمرارية الدور الوطني للمؤسسة.
وبين تحديات الحوكمة، وتراجع المؤشرات المالية، وغياب الشريك الاستراتيجي، وتوقف التفاوض، يقف مؤتمر مجمع اتصالات تونس اليوم أمام مسؤولية تاريخية لإطلاق مسار إصلاح جدي يعيد للمؤسسة بريقها ومكانتها في سوق تنافسية سريعة التحول.