معركة بنزرت 1961: خسائرها الثقيلة بشريا وماديّا ثمن سخي للخلاص من الإستعمار

* صورة لمقبرة الجلاء في بنزرت
الشعب نيوز/ ذكريات - رافقت معركة بنزرت في جويلية 1961 عدة مواقف تونسية منها الرسمي بطبيعة الحال ومنها مواقف المعارضة بمختلف فصائلها واطيافه في ذلك الوقت.
-أ- الموقف الرسمي :
تميز الموقف الرسمى التونسي بالسياسة البراغماتية والمرحلية السياسية والتفاوض للرئيس بورقيبة وهي من ثوابت النضال لديه وأن المواجهة العسكرية هي آخر الحلول ، بهذا المعني يعتبر أن معركة بنزرت هي آخر مرحلة لإستكمال السيادة الوطنية بعد فشل الحلول السياسية ، أذ قال في خطابه أمام البرلمان يوم 17 جويلية 1961: " لقد وصلنا إلى لحظة لا يمكننا بعدها الانتظار، وإذا ما قررنا استعادة المعركة فلأن جهودنا في التفاوض ذهبت سدى"
كما اعتبر" معركة بنزرت انتصارا للشعب التونسي و لنظريته السياسية".(1)
كما اعترف بأن معركة بنزرت هي اخرنزاع مع فرنسا واعترف بخسائرها الثقيلة بشريا وماديّا كثمن للخلاص من الإستعمار في تصريحه للطاهر بلخوجة. وقد شهد هذا الاخير بذلك في صحيفة لابراس يوم 15 أكتوبر2016 .
* صورة لتشييع شهداء بنزرت سنة 1961
-ب – مواقف المعارضة :
إعتبرت أنّ بورقيبة زجّ بآلاف لتونسيين معظمهم من المتطوعين غير المدربين في حرب غير متكافئة ومجهولة العواقب والخسائر ، إذ يرى عديد المؤرّخين الذين اهتمّوا بهذه المعركة أن بورقيبة كان يعلم اختلال موازين القوى، وأن مسألة الجلاء بالنسبة لفرنسا هي مسألة وقت، لكنّه اصرّ عليها ودفع بهذا العدد المهول من الشهداء والجرحى. وحقق من خلالها أهدافا سياسية ذاتيّة .
فقد بدّد تشكيك معارضيه بالتخاذل والعمالة لفرنسا، وقام بالتخلّص من عديد المقاومين " الفلّاقة" الذين بدأوا يتململون من سياساته ، كما استغلّ المعركة لكسب شرعيّة في قمع معارضيه، إذ قام مباشرة بمحاكمتهم وتعذيبهم فيما يعرف بصبّاط الظلام والحكم عليهم بالإعدام.( محمد صالح البراطلي ، علي كشك بن سالم، قدور بن يشرط ، علي القفصي ، الحبيب حنيني ، العربي العكرمي ، الأزهر الشرايطي ...) وقام بعدها أيضا بتصفية صالح بن يوسف والتضييق على الأحزاب وحظرها وإعلان سياسة الحزب الواحد، وكسب مكانة عربية وتحسين علاقته بجمال عبد الناصر (زيارة عبد الناصر لبنزرت للإحتفال بالجلاء 13 ديسمبر 1963)
وقد أكد على ذلك العربي بوقرة في مقال نشره موقع" ليدرز" يوم 15 أكتوبر 2019.
حدث فارق
ختاما ، أعتبرت أحداث بنزرت بإختلاف تسمياتها ومبرراتها ( معركة بنزرت ، أزمة بنزرت، حرب بنزرت )، حدثا فارقا في التاريخ الجهوي والوطني والعالمي والإنساني على إعتبارها صراعا بين الحرية والإستعباد الإستعماري . وهوما أكّده عديد المعاصرين لأحداثها الرئيس المصري جمال جبد الناصر، رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو، الأمين العام للأمم المتحدة " داغ همرشولد " ...ومهندس الأحداث وقائدها ذاته الرئيس الحبيب بورقيبة الذي قال في كلمته أمام" زعيم العروبة " أنذاك عبد الناصر ببنزرت في إحتفالات الجلاء يوم 13 ديسمبر1963 " أن بنزرت التي حرّرت أراضيها... قد ساعدت في تقريب العرب ... والدرس الذي نستخلصه هذا اليوم، أن شهداء بنزرت قد خدموا القضية الوطنية والعربية والإنسانية ..."
عماد الدهماني ، بنزرت في 15 أكتوبر2020
منقول عن صفحة بنزرت الرائدة
* صورة لعدد من المتطوعين وهم يراوغون الطائرات الفرنسية
(1) «Ce résultat , nous pouvons le considérer comme une victoire du peuple tunisien, comme une victoire de notre méthode de lutte » par Sébastien Abis et Damien Cordier-Féron, in " Bizerte, otage de l'histoire - De la Seconde Guerre mondiale aux indépendances du Maghreb" . P205
(2) ''L'ancien ministre Mohamed Lamine Chabbi parle de «l'erreur stupide» du gouvernement tunisien qui a « envoyé des jeunes gens désarmés, par milliers, affronter les balles des mitrailleuses lourdes, les rockets et les grenades des avions avec leurs poitrines nues... pour une armée française assoiffée de sang"
(3) "Bourguiba, avec la bataille de Bizerte, a montré «le caractère illimité de sa puissance» et «qu'il ose tout se permettre. » (Sophie Bessis)