زياد غرسة يفتتح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة : حفل يعيد للمالوف مكانته في مشهد الأغاني والمفرزات

الشعب نيوز / ناجح مبارك - شكّل حضور شيخ المالوف زياد غرسة في افتتاح الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة الجزائرية ، المنعقد تحت شعار "المالوف من المدرسة إلى العالمية"، حدثًا بارزًا، حيث قدّم عرضًا فنيًا راقياً أمتع به جمهور قسنطينة العاشق لهذا اللون الموسيقي، من خلال باقة من الموشحات والأغاني التونسية الأصيلة التي تميّز بها، معززًا حضوره كأحد أعمدة المدرسة التونسية في المالوف وامتدادًا حيًّا لإرث والده الراحل الطاهر غرسة.
* عازفون جزائريون
وقد شهدت مشاركة عازفين جزائريين في الفرقة الموسيقية المرافقة لزياد غرسة تفاعلاً كبيرًا، في لحظة مؤثرة جسّدت التلاحم بين المدرستين التونسية والجزائرية، وأكدت أن المالوف لغة فنية مشتركة بين أبناء المنطقة المغاربية يتوارثونها ويؤدونها معًا.
كما تخللت السهرة لحظة تكريم خاصة للفنان الكبير الطاهر غرسة، اعترافًا بمسيرته وإسهاماته في صون هذا التراث ونشره.
وقال زياد غرسة" مشاركتي في افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة شرف كبير لي، فهذا المهرجان يُعدّ من أهم الفضاءات التي تحفظ للمالوف مكانته وتساهم في نشره على المستويين المغاربي والعالمي.
أشكر وزارة الثقافة والفنون الجزائرية على هذا الدعم، كما أن تكريم والدي يمثّل بالنسبة لي لحظة مهمة ورسالة وفاء تجاه مسيرة فنان كرس حياته لحفظ هذا الفن الأصيل."
* تجاوب جماهيري
وقد لقي العرض تجاوبًا جماهيريًا واسعًا، حيث امتلأت القاعة بعشّاق المالوف الذين تفاعلوا مع الأداء المميز في أجواء جمعت بين الوفاء والتجديد.
ويعيش زياد غرسة اليوم مرحلة فنية مميزة، بعد إعلانه مؤخرًا عن تأسيس أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون، في خطوة تهدف إلى نقل الخبرة إلى الأجيال القادمة وصون المالوف وغيره من الفنون .
وتتواصل فعاليات المهرجان إلى غاية يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025، بمشاركة فنانين من تونس، الجزائر، ليبيا، سوريا، تركيا، روسيا ، النمسا ، إسبانيا والسويد، ضمن برنامج ثري بالعروض الفنية .
* سيرة حافلة
وُلد الفنان زياد غرسة يوم 17 مارس 1975 بتونس العاصمة، في عائلة موسيقية عريقة، فهو ابن الشيخ الطاهر غرسة (1933-2003)، أحد أبرز رموز الموسيقى التونسية وحفظة تراثها، والذي تتلمذ بدوره على الشيخ خميس ترنان، أحد أعمدة المعهد الرشيدي.
نشأ زياد في بيت فني حيث راوح بين التكوين الشفوي والتكوين الأكاديمي بالمعهد الوطني للموسيقى بتونس، حيث تحصّل وهو في سن الرابعة عشرة على ديبلوم الموسيقى العربية بامتياز.
أتقن العزف على البيانو والعود التونسي ، وتميّز بقدرة نادرة على الأداء والارتجال في مختلف الطبوع التونسية.
دخل زياد عالم الاحتراف الفني مبكرًا، واشتهر بلقبه "الشيخ الصغير" لتمكنه من أداء المالوف وحفظ عواطشه (أجزائه المفقودة)، ولإتقانه خصائص الموسيقى التونسية وجمالياتها.
كانت أولى إطلالاته البارزة في التلفزة التونسية وهو في الحادية عشرة، ثم جسّد شخصية خميس ترنان الطفل في مسلسل "خميس ترنان سنة 1987، ليثبت حضوره كموهبة استثنائية في المشهد الفني.
* إدارة المعهد الرشيدي
انضمّ إلى المعهد الرشيدي كعازف لآلة العود التونسي و كمطرب سنة 1992 ثم افتتح معهده الخاص للتعليم الموسيقي سنة 1999 وأشرف على تدريب المجموعة الصوتية للمعهد الرشيدي سنة 2003.
وفي سنة 2006 ولأسباب صحية ألمت بقائد فرقة المعهد الرشيدي آنذاك الأستاذ القدير عبد الحميد بلعلجية رحمه الله، منحت إدارة هذا المعهد زياد غرسة الثقة لقيادة الفرقة والسهر على إدارتها الفنية.
مثّل هذا الحدث منعرجا في الحياة الفنية لزياد غرسة حيث توفرت له الإمكانيات الكبيرة والمساحات الشاسعة للقيام بعديد التجارب الموسيقية بهدف الاعتناء بالموسيقى التونسية وتطويرها، من ذلك تجسيده لما حفظه من رصيد عن والده الطاهر غرسة وما استوعبه من فنّ القيادة عن الأب الروحي عبد الحميد بلعلجية وكذلك ما يجب تطويره وإعادة صياغته في حفلات المعهد الرشيدي.
فقد ظهر جليا نَفَسُ التجديد والتشبيب في أداء فرقة الرشيدية التي أصبح هدفها البحث عن السبل التي تجعل موسيقى المالوف والأغنية التونسية بصفة عامة متطورة ومتجددة ومستساغة لأذن السامع في عصرنا الحاضر.
* اكاديمية متكاملة
وفي سنة 2025، أطلق أكاديمية زياد غرسة للمالوف و الفنون للفنون، وهي مشروع ثقافي جامع ينطلق من المالوف ليشمل مختلف الفنون.
تمثل الأكاديمية بيتًا مفتوحًا للتكوين والإبداع والتجديد، وفضاءً يضع فيه زياد خبرته ورصيده الفني في خدمة الأجيال القادمة.
على امتداد مسيرته تحصل زياد غرسة على عدة جوائز و تتويجات على المستوى الوطني و العربي.