ثقافي

فيلم " ود " للحبيب المنستيري

الشعب نيوز / حسني عبد الرحيم - الأغنية الحزينة للمطرب والملحن" محمد عبد الوهاب"تحولت أولآ لرواية بتوقيع النقابي والسياسي "مصطفى بن أحمد" بعنوان "الحالم لاخير في المدينة" وصدرت بطبعتين في تونس ثم مصر والشخصية المحورية بها (خليل) مناضل يساري يتحول لصحفي بعد طرده من الجامعة لنشاطه، ويتحرش البوليس السياسي به ليتحول لمصدر للمعلومات أو كاتب أجير والشخصية النسائية زميله له تنتمي لأسرة ميسورة (هان الود)يتورط في حبها لكنها في علاقة مع المؤطر السياسي الذي بعلاقة بألبوليس ! وتهجره بعد القبض عليه وتقوم أسرتها بإرسالها لتكمل تعليمها في أوربا بعيدآعن السياسة.

هذا هو العمل الروائي الثالث للمنستيريوهو الأنضج في رؤياه .. فألحبيب المنستيري مخرج عصامي تدرب في جمعيات سينما الهواة وعمل كصحفي رياضي لبعض الوقت وهو يدافع عن تجربة وإخلاص اليسار السبعيني كلما امكن ذلك! على الرغم من الظروف المحبطة والتى كانت خياراتها الإستسلام أو الجنون.

لم يؤلف المٌخرج السيناريو على نسق الرواية فقط أختار مسار شخصي للصحفي المتمرد ليرسم صورة اوسع للمناخ السياسي لذلك الوقت والهزائم العاطفية بيننا تملأ صورة خليل الشاشة ومن وراءه بورتريه لمحمد درويش والشيخ إمام .. وهو سواء في اجتماع تنظيمي أو في الحانة وحيدآ .. في مسكنه(غرفته)حيث ترعاه إحدي نساء الحي كأبنها بديلآ عن أمه التى توفت هي وأباه من قبل !هناك صديق وحيد وهو يؤانسه ويدعمه و يقترح عليه تهريبه من البلاد بمعرفة بعض المهربين من معارفه ،ولكنه يبقى والذي يبقيه هو حلم لم يتحقق بالإرتباط ب"هان الود"!الزمان الغادر والواقع المر ليسار ذلك الزمان مع مداهمة البوليس وحلم رومانسي لا تتيح شروط الوجود الإجتماعي تحقيقه!

الإضاءة الشحيحة والرماديةفي أغلب المشاهد التى يظهر فيه "خليل" تعبير واضح عن المأساة الشخصية والسياسية التى تدفعه إلى الإدمان فالجنون بدلآ من التحول تحت الضغوط لعميل للسلطة بينما المؤطر السياسي لمجموعته هو بذاته رجل بوليس ويمارس الغرام السري مع حبيبته "ود"..الفيلم يحتوي على هنات في التركيب ولكن مع الصعوبات المالية والوقت القصير لتصويره خلال اسبوع واحد يُعتبر إنجازآ وشهادة فنية على ذلك العصر وعلى تطور متصاعد لمخرجه.

الممثلين جميعآ كانوا مقنعين وخاصة إنهم ليسوا -حياتيآ و ثقافيآ- بعيدين.. هم المناخ الفكري للفيلم والرواية..أحمد أمين بن سعد ونجوى ميلاد وجمال ميداني وجمال ساسي وخلود جليدي وتوفيق الغربي جميعهم يتوافق قيامهم بادوارهم مع التصوير والديكور والإضاءة الخافته لفيلم يحكي عن مأساة شخصية وسياسية في عالم لم يرحم الدوافع المثاليه والحميمة لجيل من النشاطيين اليساريين.

العرض الأخير للفيلم في المركز الثقافي الدولي بالحمامات صيف 2025 شهد حضورًا متميزآ لقامات أكاديمية يسارية والعرض الذي سبقة في قاعة الفن الراع على هامش آيام قرطاچ السينمائية حضره جمهور معتر وسيدا عرضه بألصالات التجارية بعد موسم المهرجانات الصيفية.