رسالة مفتوحة إلى وزيرة الاشراف: من اجل ثورة ثقافية حقيقية، لا تقبل المساومة

في ظلّ مشهد ثقافي يزداد غموضاً وارتباكاً، حيث تتوارى الحقيقة خلف الأقنعة البرّاقة، وحيث تتحول الثقافة إلى أداة في أيدي المصالح والولاءات الضيّقة، تبرز الحاجة إلى مساءلة علنيّة وصريحة للمسؤولين عن هذا الإرث الوطني. هذه الرسالة المفتوحة موجّهة إلى وزيرة الشؤون الثقافية، ليس من باب المجاملة أو العتاب اللطيف، بل من باب الواجب الوطني الذي يفرض علينا أن نقول الأمور كما هي، بلا تزييف ولا تصنّع. آن الأوان لأن تعود الثقافة التونسية إلى أهلها الحقيقيين، وأن تُفكّك الشبكات التي تأسرها في دوائر التواطؤ والصمت.
السيدة وزيرة الشؤون الثقافية المحترمة،
أكتب إليك هذه الكلمات وأنا أتابع بقلق عميق ما آلت إليه أوضاع الثقافة في وطننا العزيز. فثقافتنا، التي كانت يومًا منارة للحرية والهوية، باتت اليوم محاطة بسحب الظلام، تضيع بين المساومات والمصالح الخاصة التي تحجب رؤية واضحة لمستقبلها.
أنت، التي تحملين على عاتقك مسؤولية حفظ هذا الإرث الثمين، تقفين في موقع يشبه إلى حد كبير دور رب العائلة في عشيرة كبرى؛ موقع يتطلب منك حكمة لا تلين، قوة صامتة، وحضورًا يفرض الاحترام ويقود إلى التغيير الحقيقي.
لكنني لا أستطيع أن أغفل عن حقيقة أن هذه الثقافة، التي أنتِ وصية عليها، أصبحت أحيانًا مجرد دمية تُستخدم في لعبة مصالح لا تنتمي إلى روح الفن والإبداع. والمؤسسات التي من المفترض أن تكون منبرًا للحقيقة والجمال، غدت ساحات للمناورات والتنازلات التي تقوض مكانتها.
إن دورك، سيدتي، ليس مجرد حراسة تقليدية أو الحفاظ على المظاهر. إنه دور يتطلب منك أن تكوني الحامية التي تردع كل من يحاول استغلال الثقافة لمصالح شخصية أو إدارية ضيقة. أن تحولي الكلام إلى فعل، والوعود إلى واقع ملموس، لا أن تكتفي بالكلمات الجميلة على الورق.
إنني أوجه إليك هذا النداء من موقع مراقب صامت لكنه يقظ، متمنياً أن تكوني القوة الدافعة وراء ولا ترضى بالسطحية. ثورة تُعيد لثقافتنا رونقها، وتمنحها الحرية لتزدهر، بعيدًا عن الظلال التي طالما حاولت خنقها.
إن على عاتقك، سيدتي الوزيرة، تقع مسؤولية عظيمة، وأملي أن تحملها بعزم وإرادة لا تلين.
مع فائق الاحترام والتقدير،
إلياس بلاغة مهندس معماري وناشط مدني