ثقافي

خمسون عاما من الحب".. أو اللقاء المشتهى بين شانتال غويا وجمهور الأطفال"

الشعب نيوز / هدى مشهور -  للهِ مَا أَحْلى الطُّفولَةَ، انها حلم الحياة، عهد كمعسول الرؤى، ما بين أجنحة السبات هكذا قال أبو القاسم الشابي شاعر  الحياة، وعلى ركح مهرجان قرطاج كان اللقاء مع صديقة الطفولة ومانحة الحياة لأغاني الأطفال شانتال غويا وعرض "خمسون عاما من الحب" الذي قدم في  سهرة 3 أوت 2025 بدعم من وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن.

شانتال غويا طفلة لا تكبر، صاحبة الثلاثة وثمانين ربيعا تلعب على الركح بشغف طفلة لم تتجاوز السبعة أعوام، بفستان زهري اللون أطلت على جمهورها، حيتهم بالقول "السلام عليكم تونس، أنا أحب هذا البلد جدا، سبق وأن زرت جربة والحمامات وعشقت البلاد، تحية إلى الأولياء الذين كانوا أطفالا يستمعون إلى أغانيّ واليوم يواكبون العرض مع أطفالهم" قبل أن تعلن انطلاق الرحلة إلى عوالم السحر والبراءة والجمال.

إلى الغابة وحيواناتها كانت الرحلة، تفاصيل الحياة في الغابة نُقلت عبر ممثلين تماهوا مع الأقنعة حد التعايش، ومع كل أغنية تزيد غويا في جرعة السعادة الممنوحة للأطفال بحماستها الشديدة، عوالم مثيرة أبدعت شانتال في غنائها والانتقال بينها ببراعة الممثلة المتمكنة من شخصياتها والفنانة العارفة بأسرار كل كلمة وايقاع.

مغرية هي حكايات الأطفال، أول الشخصيات ظهرت على الركح كانت "جانو لابان" أغنية تعود إلى العام 1977 وتنقل حكاية صياد قتله الأرنب، "جانو لابان" ليس بأرنب عادي بل ذكي له قدرة على السيطرة على فضاء الأغنية وفضاء اللعب أمام الجمهور.

خمسون عاما من الحب، خمسون عاما من تقديم أغاني الأطفال حتى أصبحت علامة لها، خمسون عاما وشانتال غويا تحلم وتشكل بصوتها الرقيق أجمل العوالم، فنانة شغوفة بالتجديد، وهي من أشهر الفنانات في فرنسا في  مجال الغناء للطفل والكوميديا الموسيقية الموجهة للعائلة.

لجمهورها قدمت جزءا من مسيرة نصف قرن، عادت بالذاكرة إلى أشهر أغاني الرسوم المتحركة وغنت إحدى أشهر أغانيها "Bouba" التي يعرفها الأطفال العرب بشخصيتي "سكر ولوز" الصديقين اللذين لا يفترقان مطلقا، "بوبا" أغنية قدمت أول مرة عام 1982 وبعد غنائها قالت الفنانة "ما أجمل الذكريات"، وفعلا ما أجمل ذكريات الطفولة حين تتدفق مرة واحدة في عرض غنائي موسيقي تنتفي أمامه الأرقام وتمحى السنوات ليعود الجميع أطفالا يتحسسون عوالم من الدهشة والاكتشاف.

عوالم شانتال مغرية هي تشكيلة من الألوان والشخصيات والقصص المشوقة تسردها بأسلوبها المميز، فنانة وممثلة تنتقل بين الحكايات ببراعة فالمسرح تزين بأبهى الألوان، ألوان الغابة وعوالم السحر والقصص المحفزة لخيال الطفل.. الأحمر والأزرق والأصفر بتدرجاته ألوان منحت السهرة أبعادا تشكيلية وحولت الحجارة الصامتة الى أهزوجة للحياة والطفولة.

أمام أطفال قرطاج غنت ورقصت واستحضرت باقة من أجمل ذكرياتها وأغانيها التي شكلت الذاكرة الجماعية لجيل كامل، أبدعت شانتال في استحضار حكايات الأمس، وعادت بدورها طفلة تعانق الباندا في أغنية باندي باندا" التي قدمت لأول مرة عام 1985ومازالت الأغنية تحافظ على رونقها وتستهوي  المتلقي.

لا حدود للابداع اذا قُدم بروح طفل، فالطفولة ساحرة وحكاياتها مثيرة، أمام الأطفال يقف العقل عاجزا وحده القلب يكتب أجمل "تعاويذ" الفرحة وفي قرطاج  اختزلت شانتال خمسين عاما من النجاح في ساعتين، فأمتعت محبيها بأغانيها مثل l'alphabet en chatant و le chat botté و loup loup والعرض أشرف عليه زوجها ومؤلف أغانيها، جان-جاك دوبو الذي صنعت معه شانتال غويا مجدها الفني في الانتاج المسرحي الموجه للطفولة.

وقد أضفت السينوغرافيا أبعادا جمالية لعرض خمسين عاما من الحب، الإضاءة بألوانها الصاخبة والصور المنعكسة على الشاشات حسب الأغنية ومضمونها، أما الأزياء فتُعد من نقاط قوة العرض، إذ صنعت بحرفية عالية فاختلفت ألوانها وتصاميمها حسب الشخصيات والحكايات، فكانت مبهرة تشد انتباه الطفل وتشجعه ليطلق العنان لخياله..

وعوالم شانتال المثيرة عززتها  الرقصات والمؤثرات البصرية، وتحتفظ شانتال غويا بجميع الأزياء منذ عرضها الأول عام 1980 فالأزياء ذاكرة أيضا إذ لديها أكثر من ألفي قطعة، منها 400 قُدّت للاحتفال بعرض خمسين عاما من الحب.

"خمسون عام من الحب" لقاء الحب والذكريات قدمته صديقة الأطفال وصانعة ذاكرة جيل كامل، شانتال غويا تلك الفنانة التي بدأت مشوارها مع مطلع الستينات وتمتعت بموهبة في الغناء والتمثيل، ومنذ 1975 اتجهت إلى الغناء للأطفال وتميزت في هذا اللون الفني وشكلت مع زوجها جان جاك دوبو ثنائيا فنيا رائعا، وفي قرطاج صنعت مع جمهورها عرضا استثنائيا يتماهي فيه  عالم الأطفال بالخيال والسحر.