دولي

النضال النقابي الامريكي بمناسبة عيد العمال :”العمال يستحقون"

النضال النقابي الامريكي بمناسبة عيد العمال :”العمال يستحقون" 

بقلم جهاد عقل (Jhad Akel) 2025 / 8 / 1
 صدر يوم الأربعاء 30 جويلية بيان صحفي عن اتحاد النقابات الأمريكية (اتحاد العمل الأمريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية AFL-CIO ) بشأن أسبوع العمل بمناسبة عيد العمال لعام 2025 الذي يحل يوم الإثنين 1 سبتمبر 2025 ، تحت شعار “العمال يستحقون – Workers Deserve” .

وهنا نسأل لماذا "مناسبة عيد العمال لعام 2025؟
فنحن نعي أن عيد العمال جرى الإحتفال فيه في الأول من ماي الماضي ، فلماذا يقوم اتحاد النقابات الأمريكية اليوم بنشاط نضالي هام على المستوى الفيدرالي تحت عنوان "العمال يستحقون" ، إحتفالاً بعيد العمال 2025؟.

 قصة يومين… وصراع طبقي مخفي

في لمحة تاريخية عن عيد العمال بين ماي وسبتمبر، نسأل ما هو عيد العمال في الولايات المتحدة؟ وكيف جرى تحديد هذا اليوم ؟ ولماذا تقرر أن لا يكون عيد العمال  في الأول من ماي؟ بل يُحتفل بعيد العمال الأميركي في يوم الاثنين الأول من شهر سبتمبر من كل عام، وليس في 1 ماي مثل باقي دول العالم؟
عليه يُسأل السؤال: ما الفرق بين عيد العمال في معظم بلدان العالم (1 ماي) وبين نظيره الأميركي ( يوم الاثنين الأول من شهر سبتمبر) من كل عام؟ ولماذا يرفض النظام الأميركي الاحتفال بيوم الأول من ماي؟

  ماي رمز النضال
في 1 ماي 1886، خرج مئات الآلاف من العمال في الولايات المتحدة في إضراب عام للمطالبة بـ يوم عمل من 8 ساعات. في شيكاغو، نظمت مظاهرة ضخمة انتهت بـ مجزرة هايماركت (4 ماي)، حين ألقيت قنبلة على الشرطة، وردّت الأخيرة بإطلاق النار، فسقط عمال قتلى، رغم عدم وجود أدلة، أُعدم أربعة من قادة العمال، وكانوا من التيارات الأناركية والاشتراكية.
تخليد الشهداء: عام 1889، أعلنت الأممية الثانية أن الأول من ماي سيكون عيدًا عالميًا للطبقة العاملة، تكريمًا لشهداء هايماركت. منذ ذلك الحين، أصبح 1 ماي رمزًا أمميًا للنضال من أجل حقوق العمال، وتنظيمهم، والعدالة الاجتماعية.

وهنا نعود ونسأل : لماذا ترفض الولايات المتحدة الاحتفال بالأول من ماي عيد للعمال كما هو متبع في العالم؟
يتضح انه بالرغم من أن أحداث ماي وقعت في أميركا، إلا أن النظام الأميركي يرفض اعتماد هذا اليوم كعيد رسمي للعمال، ويفضّل يوم الاثنين الأول من شهر سبتمبر. بسبب ارتباط الأول من ماي بالجذور الثورية: أي القوى الثورية في العالم من الأشتراكيين والراديكاليين خاصة الحركة الشيوعية والنقابات اليسارية ذات التوجه الثوري المدافع عن الطبقة العاملة.
في ظل هذه القوى المناضلة طبقياً ، إتضح ان النخبة الأميركية السياسية والرأسمالية كانت تخشى من أن يتحوّل إلى يوم احتجاجي ثوري يهدد النظام الرأسمالي.
بالرغم من أن الأول من ماي أصبح رمزًا أمميًا، تتبناه الحركات العمالية في أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا ، الا أن الولايات المتحدة، الساعية إلى التفوق القومي والهيمنة الاقتصادية، رفضت هذا الطابع العالمي التضامني، وبسبب ارتباط الأول من أيار بالحركات الشيوعية والثورية، مما زاد من قمعه من قبل القوى السياسية الحاكمة في البيت الأبيض خاصة في فترات التوترات السياسية، والحرب الباردة التي كانت العنوان لدى القوى الرأسمالية ضد المعسكر الإشتراكي حيث أُطلق على تلك التوترات “الذعر الأحمر” لدى الساسة في الولايات المتحدة.

هنا أراد حُكام البيت الأبيض إعادة إنتاج عيد “آمن” للعمال
في عام 1894 قام عمال شركة "بولمان" في الولايات المتحدة لإنتاج عربات السكك الحديدية بإعلان الإضراب الذي أطلق عليه "الإضراب الدموي"، بسبب قيام قوات الشرطة والأمن التابع للشركة بقتل 30 عاملاً ، غير العمال الجرحى. وهناك من يؤكد أن الإضراب معروف أيضًا بإسم "إضراب بولمان" ، لقد كان إضرابًا عماليًا واسع النطاق ضد شركة بولمان. حيث بدأ الإضراب في يوم 11 ماي واستمر حتى 20 جويلية من عام 1894، وشمل مقاطعة عمال السكك الحديدية لقطارات بولمان، مما أدى إلى تعطيل كبير في شبكة السكك الحديدية الأمريكية.
وكان سبب هذا الإضراب أن ادراة شركة "بولمان" ، قامت بتخفيض أجور العمال في مصانعها خلال فترة الكساد الاقتصادي، مما أثار استياء العمال.
بعد "إضراب بولمان الدموي"، سعى الرئيس الأميركي ستيفن جروفر كليفلاند لتهدئة الحركة العمالية بإعلان يوم الاثنين الأول من أيلول عطلة رسمية للعمال مدفوعة الأجر ، هكذا نشأ “عيد عمّال أميركي” منزوع من الوسم السياسي.
وبذلك الولايات المتحدة – مهد حركة الأول من ماي – أنكرت جذورها الثورية واحتفلت بعيد بديل يكرّس الاعتراف الرمزي فقط بالعمال، دون ربطه بالصراع الطبقي أو بالتنظيم النقابي. في العالم بأسره، يبقى الأول من ماي عيدًا كفاحيًا، أمميًا، حيًّا. أما عيد العمال الأميركي في سبتمبر، فهو تأكيد كيف تخاف الأنظمة مهما بلغت عظمتها، من الذاكرة الطبقية، ومن قوة التنظيم.

“العمال يستحقون”

لذلك، أعلن اتحاد العمال الأمريكي عن أسبوع عمل بمناسبة عيد العمال (1 سبتمبر 2025) تحت شعار “العمال يستحقون” حيث قرر بأن تقام فعاليات نضالية في مدن وبلدات كبيرة وصغيرة في كل ولاية، يحتفل خلالها العمال بقوتهم الجماعية وبالحرية والعدالة والأمان التي يستحقها الجميع. ومن خلال مئات الفعاليات التي تُنظّم في جميع أنحاء البلاد، يبعث العمال برسالة واضحة إلى الرؤساء التنفيذيين الجشعين، والمليارديرات، والساسة المعادين للعمال:

“نحن من بنى هذا البلد، ونحن من سيستعيده.”
وقالت رئيسة اتحاد العمال، ليز شولير:
“لقد شنّت الشركات الكبرى والمليارديرات، أمثال إيلون ماسك والرئيس ترامب، أكبر الهجمات في التاريخ ضد النقابات، لأنهم يدركون أننا عندما نقف معًا، نمتلك القوة لنُعبّر عن أنفسنا ونناضل من أجل حقوقنا.”
وأضافت : “خلال جولتي الصيفية في مختلف أنحاء البلاد، ألهمني حماس العمال وإصرارهم على بناء مستقبل أفضل، حيث نحصل جميعًا على أجور عادلة، ورعاية صحية جيدة، وتقاعد آمن، والكرامة التي نستحقها في مكان العمل. العمل المنظّم هو الخيار الأفضل – ولن نتوقف حتى يحصل كل عامل على فرصة عادلة للانضمام إلى نقابة.”
سيمثّل أسبوع العمل بمناسبة عيد العمال تتويجًا لجولة الحافلة الوطنية “الأفضل في نقابة: من أجل الحرية، العدالة، والأمان” التي نظّمها الاتحاد، والتي جابت البلاد طوال شهرين، وسلّطت الضوء على نضالات العمال من أجل التنظيم النقابي، والفوز بعقود عمل عادلة، والتصدي للسياسات المتهورة التي تؤثر سلبًا على حياتنا”.

نحن العمود الفقري لهذا البلد،
من جانبه قال الأمين العام المساعد لاتحاد العمال، فريد ريدموند:
“العمال موحّدون الآن أكثر من أي وقت مضى لاستعادة حرياتنا الأساسية، وإطلاق نهضة تنظيمية تغيّر مسار هذا البلد.”
وأضاف: “الرؤساء التنفيذيون والمليارديرات يخشوننا – ولهذا يهاجموننا. لدي رسالة لمن يعتدون على حقوقنا: أنتم محقّون في خوفكم. نحن العمود الفقري لهذا البلد، وعندما نتّحد ونتضامن، لا شيء يمكن أن يوقفنا.”
هذا إذ يُظهر استطلاع للرأي أن اتحاد العمال يحظى بدعم شعبي واسع،بحيث أن أكثر من 70% من الأميركيين – بما فيهم قرابة 90% من الشباب تحت سن الثلاثين – يدعمون النقابات. لذلك، فإن المعركة من أجل الحرية والعدالة والأمان تحظى بشعبية غير مسبوقة.

إدارة ترامب دمرت المجتمع
ووفق بيان اتحاد العمال :"يشمل أسبوع العمل الذي بدأ في 30 جويلية 2025 احتجاجات ضد الهجمات السياسية على النقابات، وفضح ممارسات تفكيك النقابات التي يتّبعها أرباب العمل والتي تتعارض مع القيم الأميركية، والمطالبة بوقف التخفيضات الكارثية التي نفّذتها إدارة ترامب وأدّت إلى تدمير المجتمعات. كما يعمل الأسبوع على طرح رؤيتنا الإيجابية لبلد يحترم كل العاملين وأُسرهم ويحتفي بهم.
وسيكون موقع “العمال يستحقون” بمثابة منصة مركزية لجميع النقابات، والمجموعات المجتمعية، والمنظمات التقدمية، للتعرّف على الفعاليات المحلية، بما في ذلك تلك التي ستُنظّم في المدن التالية: أتلانتا – بوسطن – شارلوت (كارولاينا الشمالية) – شيكاغو – كليفلاند – دنفر – ديموين (آيوا) – ديترويت – أو كلير (ويسكونسن) – لوس أنجلوس – لويفيل (كنتاكي) – نيويورك – بيتسبرغ – رينو (نيفادا) – سان دييغو – سياتل – سانت لويس – مينيابوليس–سانت بول – ٠واشنطن العاصمة.