وثائقي

منذ 40 سنة : صدور الشعب اليومية كسرا للحصار الاعلامي على الاتحاد ورغبة في صحافة مختلفة

تونس / الشعب نيوز - في مثل هذا اليوم منذ 40 سنة، صدرت جريدة الشعب، لسان الاتحاد العام التونسي للشغل، الجمعة 12 جويلية 1985 في دورية يومية لأول مرة في تاريخها وتاريخ البلاد وحتى تاريخ المنظمات النقابية في العالم، قطرية كانت ام دولية.

جاء قرار اصدارها في دورية يومية تنفيذا لمطلب عمالي - نقابي وشعبي وتلبية لرغبة مشروعة في اعلام مختلف، يقدم صورة مغايرة، او بالأحرى صورة حقيقية عن الواقع الذي لم يكن يجد صداه في صحف ذلك الزمن ولا في الوسائل السمعية البصرية التي احتكرها نظام الحكم الفردي وسخرها لخدمة  خيارات أدت الى السطو على الاتحاد وكبت كل نفس معارض والى برنامج الإصلاح الهيكلي سيئ الذكر وانتهت بما يعرف بتغيير السابع من نوفمبر سنة 1987.

حجم وإخراج جميلان

في خضم ذلك الوضع وقبله بقليل، اخذت السلطة بالتضييق على الاتحاد وفرضت على وسائل الاعلام القائمة لا فقط حجب اخباره والامتناع عن نشر أي معلومة عن انشطته مركزيا وقطاعيا وجهويا، بل والى شن حملات تشويه منظمة ضد قياداته وانتقاد أي تحرك نضالي يقوم به والتشكيك في وجاهة أي مطلب يعرضه، إضافة الى التضييق على الأنشطة ومضايقة النقابيين في كل المستويات.

وحتى يقع كسر هذا الطوق، صدرت الشعب في دورية يومية، في حجم وإخراج لا يقلان جمالا ولا جاذبية عن الصحف الموجودة آنذاك، بإشراف سياسي من الزعيم التاريخي النقابي والوطني الحبيب عاشور ومساعدة الأخ كمال سعد وبقية أعضاء القيادة وإدارة محترفة للزميل محمد العروسي بن صالح الذي جمع حوله عددا هاما من الصحفيين الشبان والفنيين القادمين من عدة مؤسسات أخرى جاؤوا لشد أزر زملائهم من أبناء الشعب الأسبوعية، متحمسين لإنتاج نموذج مغاير من الصحافة والاعلام.

وفعلا كان الامر كذلك، فبالاطلاع على العدد الأول، يلمس القارئ والباحث اختلافا كبيرا عن سائد ذلك الزمان حيث فتحت الصفحة بتغطية وصورة لأشغال الهيئة الإدارية، تلاها في موضع ثان حديث خاص للزعيم الحبيب عاشور حول أهمية صدور الجريدة في دورية يومية و جاءت الافتتاحية، باعتبارها كاشفة الخط التحريري على يسار الصفحة، تدليلا على ان الجريدة كما النقابة مصطفة الى اليسار بكل ما يعنيه من مبادئ وقيم نبيلة.

اخبار وصياغة مختلفة

من الاخبار الرسمية، اختارت الشعب اليومية واحدا تعلق بالرئيس الحبيب بورقيبة لكن ليس عن استقبالاته او توجيهاته او غير ذلك من أنشطته، بل عن رسالة وصلته من الاتحاد الدولي للنقابات الحرة (المعروف تحت اختصار سيزل CISL الاتحاد العالمي للنقابات حاليا CSI)  يحتج فيها على ما يتعرض له النقابيون التونسيون من تضييق ومظالم. وقد وقعت صياغة الخبر بشكل أولى الأهمية للرسالة ومصدرها قبل المسؤول الموجهة اليه وهو الرئيس بورقيبة.

من الاخبار التي حوتها أولى الشعب اليومية الصادرة يوم 12 جويلية 1985 أي منذ 40 سنة بالتمام والكمال خبر عن هبة أمريكية لتخفيف ضغط الديون على البلاد وخبر عن إيقاف المحامي عبد النور علي يحيى رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان، وذلك في تحدّ للتعتيم الإعلامي الكبير الذي كان مضروبا على تلك الرابطة كما على نظيرتيها التونسية والدولية.

وللإفادة فقط، فقد أوقف الرجل بعد احتجاجه واعتراضه على إيقاف 20 من أبناء شهداء حرب التحرير الجزائريين يوم 5 جويلية 1985 بعد محاولتهم وضع باقات زهور على الأضرحة  بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال.