حول الوضع في ميناء رادس : من التشخيص الى التنفيذ ...كفى مزايدات

عصام بن عمر كاتب عام النقابة الأساسية للشركة التونسية للشحن والترصيف بميناء رادس يكتب في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي " فايسبوك " :
شهد ميناء رادس زيارة ميدانية جديدة أداها السيد والي بن عروس، محاولًا الوقوف على الإشكاليات المتواصلة التي يعاني منها هذا المرفق الاستراتيجي،وككل مرة نفس المشهد يعاد: تشخيص متكرر، تبادل تهم، وتوجيه أصابع المسؤولية بين مختلف الأطراف المتداخلة دون أي خطوة حقيقية نحو الإصلاح. الميناء لم يعد يتحمل هذا التمشي العقيم الذي يستهلك الوقت والجهد دون نتائج ملموسة، وكل من يعمل ميدانيًا يعلم أن الأزمة الحقيقية لم تعد في فهم الإشكال، بل في غياب إرادة فعلية للمرور إلى التنفيذ وتجاوز منطق الهروب من المسؤولية.
لقد تم تشخيص الوضع ألف مرة، ولكن التشخيص الواقعي والدقيق لا يأتي من المكاتب المكيفة أو من أصحاب الشعارات الجاهزة، بل من أعوان وإطارات ميدانية، تشتغل تحت الضغط اليومي، وتواجه التعطيلات والاختلالات بعين العارف والخبرة المتراكمة. هؤلاء هم من يملكون المفاتيح الحقيقية للإصلاح، إن تم الإصغاء إليهم وتمكينهم من تقديم الحلول وتطبيقها.
ما نلاحظه اليوم في ميناء رادس هو مشكل حوكمة بامتياز. تداخل في الأدوار، ضبابية في المهام، وغياب تام للتنسيق الحقيقي، رغم ما تم تأكيده سابقًا من مختلف المسؤولين، من وزراء وولاة ورئيسة الحكومة نفسها، حول أهمية توحيد الجهود وتحسين التنسيق. لكن للأسف، بقي كل ذلك حبرًا على ورق، وتحولت بعض الزيارات الميدانية إلى منابر للمزايدات وتبرئة الذمم، عوض أن تكون محطات انطلاق لإصلاح فعلي وجماعي.
الشركة التونسية للشحن والترصيف، وإن كانت تعاني من صعوبات هيكلية وإدارية، فإن أبناءها لم يتنصلوا يومًا من المسؤولية. بل على العكس، أعوان وإطارات الستام بميناء رادس ظلوا يمدون أيديهم من أجل الإصلاح، وقدموا العديد من المبادرات والأفكار البناءة لتجاوز الاختلالات، في كنف المسؤولية وروح المرفق العام، بعيدًا عن الشعبوية والمغالطات.
ندعو من هذا المنبر إلى وقف هذا المسار العقيم، والمرور إلى مرحلة الفعل والتنفيذ، والابتعاد عن سياسة الوقوف على الأطلال وتبادل التهم. إصلاح الميناء ممكن، والنجاح ممكن، إذا توفرت الإرادة السياسية، وتم الاستماع للكفاءات الحقيقية، ووقع توضيح الأدوار وربط المسؤوليات بالمحاسبة.
نحن أبناء الشركة لن نتخلى عن واجبنا، وسنواصل الدفاع عن هذا المرفق العمومي بكل ما أوتينا من قوة، ونؤكد أن الطريق إلى الإصلاح لا يمر عبر الشعارات، بل عبر العمل الجاد والتشاركي والتوقف عن اتخاذ "الستام" كبش فداء كلما تعطل السير.