تظاهرة "تراثي في مدرستي" : تلاميذ مدرسة سيدي مشرق يحاكون الواقع الافتراضي للمواقع الأثرية

الشعب نيوز / ناجح مبارك - في سياق الدورة الرابعة والثلاثين لشهر التراث، وتحت شعار "تراثنا: موروث حضاري، رافد للتنمية"، انتظمت يوم الثلاثاء 6 ماي 2025، فعاليات المحطة الثالثة من تظاهرة "تراثي الرقمي في مدرستي" بالمدرسة الابتدائية سيدي مشرق من معتمدية سجنان بولاية بنزرت، وذلك بمبادرة من وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، وبالشراكة مع المعهد الوطني للتراث والمعهد العالي لإطارات الطفولة بقرطاج درمش، وبالتعاون مع المندوبيتين الجهويتين للتربية والشؤون الثقافية ببنزرت.
* مقاربة تربوية فعالة
تهدف هذه التظاهرة إلى إرساء مقاربة تربوية وثقافية شاملة تستند إلى إدماج التراث الوطني في الفضاء المدرسي، باعتباره مكوّناً محورياً للهوية الوطنية، وعنصراً فاعلاً في التربية على المواطنة والانتماء، كما تسعى المبادرة إلى إتاحة فرص متكافئة لتلاميذ المناطق الريفية والنائية للنفاذ إلى التراث من خلال تقنيات حديثة تحاكي الواقع، بما يعزز من حضور البعد الثقافي في العملية التربوية ويجسر الفجوة الرقمية والثقافية بين المركز والأطراف.
وقد أشرف على التظاهرة عدد من الإطارات الجهوية والوطنية، من بينهم رملة الحصايري، متصرف مستشار بوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، و بسمة الحويجي، محافظ مستشار ومكلفة إدارية بولاية بنزرت، و فريد زمالي، محافظ مستشار بالمعهد الوطني للتراث، إلى جانب السيد سامي دلّة، مدير المدرسة، وثلة من الإطارات التربوية والمكونين.
* اشعاع تراثي
في كلمتها الافتتاحية، أكدت رملة الحصايري على أهمية هذه المبادرة التي تأتي استجابة لحاجة ملحة في الوسط التربوي تتمثل في تفعيل الأدوار التثقيفية والتوعوية للمدرسة، لاسيما في المناطق الريفية، من خلال مشاريع مبتكرة تربط المتعلمين بتراثهم الحضاري وتعزز لديهم حسّ الانتماء والمسؤولية.
كما أشارت إلى أهمية الوسائط الرقمية الحديثة، على غرار تقنيات الواقع الافتراضي (CASQUE VR)، في تقريب التراث من النشء، وتقديمه في صيغ تفاعلية تحفّز على التعلم بالاكتشاف.
وقد أثنى سامي دلّة، مدير المدرسة، على مجهودات وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية في هذا المجال، معبراً عن فخره باحتضان المؤسسة لهذه التظاهرة التي تفتح آفاقاً جديدة أمام التلاميذ للانخراط في مشاريع ذات بعد وطني وإنساني، وتدفع بالإطار التربوي نحو الابتكار في أدوات التربية على الثقافة والتراث.
تضمن البرنامج تجربة افتراضية مثيرة باستخدام خوذات الواقع الافتراضي" Casque VR"، أتيحت خلالها للتلاميذ فرصة التجول افتراضياً في عدد من المعالم والمواقع الأثرية التونسية، مما ساهم في تحفيز فضولهم المعرفي وتنمية قدرتهم على الربط بين المعلومات النظرية والواقع المادي للتراث.
وبالتوازي مع هذه التجربة الرقمية، انتظمت ورشات تربوية وفنية نشّطتها طالبات الماجستير من المعهد العالي لإطارات الطفولة بقرطاج درمش، تم خلالها تقديم عناصر من التراث المادي واللامادي لجهة بنزرت بأساليب تنشيطية تراعي الخصائص النمائية للأطفال، وتعتمد التفاعل والإبداع مدخلين أساسيين في التربية الثقافية.
* مرافقة المربين والتلاميذ
كما اختُتمت التظاهرة بزيارة ميدانية مؤطرة إلى الموقع الأثري "سيدي مشرق"، أشرف عليها فريد زمالي، ورافقه عدد من المربين والتلاميذ.
وتعد هذه الزيارة مناسبة لتعميق معرفة الناشئة بالموقع وتاريخه وأهميته، إضافة إلى التوعية بأهمية المحافظة عليه بوصفه شاهداً على عمق الحضارة التونسية وتنوع مكوناتها.
ويُعتبر موقع "سيدي مشرق" أحد أبرز المعالم الأثرية في ولاية بنزرت، وهو يقع بمحاذاة المدرسة التي احتضنت التظاهرة. ويعود تاريخه إلى العهدين البونيقي والروماني، حيث تبيّن بقايا المعمار المنتشرة في محيطه وجود منشآت ذات طابع ديني ومعماري متميّز.
كما يتميّز الموقع بموقعه الاستراتيجي المطلّ على البحر، ما منحه دوراً مهماً في التواصل التجاري والثقافي خلال العصور القديمة.
نذكر متابعينا إن الزيارة المقبلة ستكون يوم 13 ماي بمدرسة الشحيمات الشمالية من ولاية المهدية .