وطني

تلوث قابس: تقرير رسمي من 160 صفحة يكشف حجم الكارثة واضرارها القاتلة

الشعب نيوز/ باقلام النقابيين - مساهمة في إثراء النقاش العميق والعلمي حول أحداث قابس المرتبطة بالتلوّث الصادرعن المجمع الكيميائي التونسي، نشرع في نشر تقارير وتحاليل مبنيّة على تقارير ومعطيات رسمية، تميط اللثام عن حجم الكارثة في قابس، وتزيل اللبس وتدحض أقاويل المؤامرة والسّرديّات الشعبويّة.

في التقريرالمعروض عليكم، سنتحدّث عن الجانب البيئي وعن حجم الكارثة وتشخيصها، استنادا لتحليل تقرير رقابي رسمي من إنجاز IHE بتكليف من المجمع نفسه، صدر في جويلية 2025، وتضمّن 160 صفحة..

كارثة بيئية في قابس: تقرير رسمي وأرقام صادمة!  

إليكم حقائق مرعبة من تقرير تدقيق بيئي واجتماعي رسمي (جويلية 2025) حول آثار المجمع الكيميائي التونسي في قابس. التقرير يصف الوضع بـ "عدم المطابقة الجسيمة" للمعايير البيئية ويقترح خطة إنقاذ عاجلة بتكلفة 306 مليون دينار تونسي!

هذا العمل الرقابي تم بإشراف فريق من الخبراء تكوّن من : د. سامي عبيد، د. رفيق بن شرّادة، م. صابر عميرة، م. آمنة بن شرّادة، والسيدان أحمد خواجة وأشرف عمّار.

 أولاً: تلوث المياه.. أرقام تتحدث عن نفسها!

يُصنف التقرير تلوث المياه بأنه "عدم مطابقة جسيمة". فالمجمع يضخ يومياً كميات هائلة من مياه التبريد الملوثة إلى البحر تصل إلى 50,880 متر مكعب/ ساعة.

تركيزات الملوثات كارثية وتتجاوز المعايير القانونية بأضعاف:

الحموضة (pH): تصل إلى 2.5 (المعدل الطبيعي بين 5.5 و 9.5)، مما يعني مياهاً شديدة الحمضية وقاتلة للكائنات البحرية!

الفلور: تركيز يصل إلى 100 ملغ/ لتر، بينما الحد القانوني هو 3 ملغ/لتر فقط! (أكثر بـ 33 مرة).

الفوسفور: تركيز يصل إلى 8.73 ملغ/ لتر، بينما الحد المسموح به هو 2 ملغ/ لتر! (أكثر بـ 4 مرات).

والأخطر من ذلك، يؤكد التقرير غياب أي مراقبة دورية أو بيانات حديثة لجودة هذه المياه المصروفة.

ثانياً: الفوسفوجيبس.. "كارثة بيئية" تقتل البحر!

وصف التقرير تصريف الفوسفوجيبس بأنه سبب "كارثة بيئية" أدت إلى تصحر مساحات شاسعة من بحر قابس. وتتراوح الكمية المصروفة: ما بين 14,000 و 15,000 طن يوميًا تُلقى مباشرة في الخليج.

التركيبة السامة (لكل طن):

13 كغ من الفلور.

ما بين 5 إلى 20 غرامًا من الكادميوم، وهو معدن ثقيل شديد السمية ومسرطن.

معادن ثقيلة أخرى مثل الزنك والكروم والنحاس.

تم تسجيل "عدم مطابقة جسيمة" بسبب التأثير المدمر على الحياة البحرية.

 ثالثاً: هواء مسموم.. انبعاثات خارج السيطرة!

خلص التقرير إلى وجود "عدم مطابقة جسيمة" في إدارة جودة الهواء، والكارثة الأكبر هي أن آخر حملة قياس للانبعاثات تعود إلى عام 2010! ما يعني ان القياسات القديمة وحدها أظهرت تجاوزات خطيرة:

ثاني أكسيد الكبريت : تركيز 7805، والحد المسموح 300 فقط! (تجاوز بـ 26 ضعفًا).

فلوريد الهيدروجين : تركيز 184، والحد المسموح 5 فقط! (تجاوز بـ 36 ضعفًا).

ثاني أكسيد النيتروجين : تركيز 924، والحد المسموح 500!

الغبار: تركيز 68، والحد المسموح 40!

هذا بالإضافة إلى انبعاثات مستمرة لغازات دفيئة وغازات كريهة الرائحة.

 رابعاً: نفايات خطرة وتلوث ضوضائي!

نفايات خطرة: يتم تخزين مواد شديدة الخطورة مثل محفز الفاناديوم (V2O5) وحمأة إزالة الكادميوم في العراء دون أي عزل، مع غياب تام لآليات التتبع والجرد.

ضجيج يصم الآذان: تم تسجيل "عدم مطابقة جسيمة" لمستويات الضجيج التي تصل إلى 90 ديسيبل، متجاؤزة الحد المسموح به لحماية صحة العمال (85 ديسيبل).

الصدمة الكبرى: مشاريع بمليارات وبلا إنجاز! والأمر الأكثر خطورة يأتي من الموقع الرسمي للمجمع الكيميائي التونسي نفسه! فحسب "خطة العمل البيئية للمجمع (2009-2020)"، تبلغ كلفة المشاريع البيئية المبرمجة في قابس 1323 مليون دينار (ألف وثلاثمائة وثلاثة وعشرون مليون دينار). لكن، وكما يوضح جدول رسمي، لم يتم إنجاز أي مشروع من هذه المشاريع البيئية المليارية!.

مرشد أدريس