ما قبل الافتتاح الرسمي للدورة العاشرة لـ "دريم سيتي": "طرب" يهدي فلسطين عرضا عن الصمود والتشبث بالحياة

الشعب نيوز / ناجح مبارك - من فضاء 43 شارع قرطاج بتونس العاصمة حيث تحول هذا المكان الذي هو في الأصل مأوى للسيارات، إلى مسرح للفنون والحياة، انطلقت امس الخميس 2 أكتوبر 2025 الدورة العاشرة من تظاهرة "دريم سيتي" (3 - 19 أكتوبر 2025) بعرض ما قبل الافتتاح الرسمي حمل عنوان "طرب".
وقد كان الجمهور الحاضر بكثافة من تونس ومن جنسيات عالمية مختلفة ينتظر أن يتابع عرضا كوريغرافيا، لكنه سرعان ما أصبح جزءا من هذا الأداء وهذا الإيقاع الحركي لعرض مبتكر وخارج عن المألوف.
* "طرب "
عرض "طرب" من توقيع الفنان الفرنسي ذي الأصول الفيتنامية "إريك منه كوانغ كاستاينغ" بالتعاون مع الفنان الموسيقي اللبناني من فلسطينية "رايس بك" وبمشاركة سبعة راقصين تونسيين إلى جانب راقصين من جنسيات فلسطينية ولبنانية ومصرية.
وعلى مدى ساعتين والنصف لم تخفت الموسيقى كما لم يتوقف الجمهور عن الرقص في هذه الرحلة الفنية التي جمعت بين الشرق والغرب وزاوجت بين التراث العربي والحركات الكوريغرافية المعاصرة المعبرة عن المأساة من ناحية والحاملة أيضا للأمل والفرح كتعبير عن الصمود والتشبث بقيم الحياة.
وتميز هذا العرض من الناحية الفنية والجمالية بكسره لما يعرف في المسرح "بالجدار الوهمي" بين الركح والجمهور، إذ لم يعد الجمهور مشاهدا متلقيا للعرض فحسب وإنما بات جزءا منه وشريكا في الأداء تاركا جسده يتفاعل مع الإيقاعات الموسيقية من الدبكة الفلسطينية إلى الإيقاعات التونسية والمصرية واللبنانية، فصار المكان فضاء للانصهار الجماعي وللانتشاء بالطرب بكل ما يحمله من شعور بالحرية والفرح.
* رسالة تضامن
ويتجاوز "طرب" بعده الفني ليحمل رسالة تضامن مباشرة وصريحة مع الشعب الفلسطيني.
فالعرض مهدى إلى الفنانين الفلسطينيين أحمد مدحت ومؤمن خليفة الذين استهدفتهما اعتداءات الاحتلال الصهيوني الغاشم على قطاع غزة.
كما يذكّر أيضا بأن الفن الفلسطيني يعيش ويقاوم رغم القمع. ويسلط الضوء على قدرة الثقافة والفن على الحفاظ على الهوية والتاريخ والذاكرة الجماعية رغم محاولات الطمس الثقافي.
يقول "اريك منه كوانغ كاستاينغ" إن العرض هو تعبير فني لكنه في الآن ذاته احتفال يغمر الجمهور بالرقص والغناء في فضاء تم تحويله إلى مساحة للتواصل والانصهار، مضيفا أن الجمهور هنا لم يعد متلقيا فقط وإنما يشارك في صنع اللحظة.
وهذه الدعوة المباشرة للجمهور تجعل من كل متفرج شاهدا ومشاركا في الاحتفال بالثقافة والحياة وتجسد القوة الكامنة للرقص في تحويل عنصر الفرجة إلى تجربة حسية وروحية جماعية. وشدّد على أن رسالة العرض تدافع عن فكرة أن الفلسطينيين والعرب لا يمكن اختزالهم في صور المعاناة والجوع لأنهم أصحاب ثقافة ثرية يقاومون بالغناء والرقص والشعر، قائلا "نحن نحتفل بالحياة رغم كل شيء ونقاوم بالرقص والموسيقى".
* الموسيقى وبناء الحضور
ورغم أن فلسطين تعيش أوضاعا مأساوية ولا إنسانية، يقدم عرض "طرب" احتفالا بالحياة وبالموسيقى والرقص كوسيلة مقاومة.
فهو يثبت أن الفن قادر على تحويل الألم إلى طاقة إبداعية وعلى بناء جسور بين الشعوب، لتستمر المقاومة وتذكّر العالم بأن الثقافة جزء من الحقوق الإنسانية.
وهذا ما تقوم عليه تظاهرة "دريم سيتي" التي تأسست على يد الفنانين سفيان ويسي وسلمى ويسي سنة 2007، والتي من أهم أهدافها جعل الفن لغة عالمية مشتركة وفعل تضامن ودعوة للسلام وانتصار للقيم الإنسانية الكونية السامية وفي مقدمتها الحرية والعدالة.
وتجدر الإشارة إلى أن عروض الدورة العاشرة لتظاهرة "دريم سيتي" تنطلق اليوم الجمعة 3 أكتوبر لتتواصل إلى يوم 19 أكتوبر 2025.
تتوزع فقرات المهرجان على 31 فضاء في العاصمة منها 26 فضاء في المدينة العتيقة و5 فضاءات في وسط مدينة تونس، لتشمل بذلك هذه التظاهرة مختلف مكونات النسيج العمراني لمدينة تونس.
وتسجل هذه الدورة عرض 56 عملا فنيا قادما من 22 بلدا يقدمها 56 فنانا من بينهم 8 تونسيين و48 فنانا دوليا.
ويُتوقع أن تستقطب الدورة الجديدة أكثر من 30 ألف زائر من تونس والخارج بفضل ثراء البرمجة وتعدد الفضاءات وتنوعها.
* فضاءات مختلفة
ويشمل البرنامج معارض بصرية وعروض أداء وتنصيبات وورشات ولقاءات حوارية وعروض كوريغرافية وموسيقية إضافة إلى برنامج خاص بالأطفال تحت عنوان "خربقة سيتي".
وكانت عملية بيع التذاكر انطلقت يوم 1 أكتوبر 2025 في عدة نقاط موزعة بين مدينة الثقافة ودار باش حانبة وقشلة العطارين ومكتبة الكتاب بكل من شارع الحبيب بورقيبة والمرسى وميتيال فيل إلى جانب المنصة.