نقابي

في سفاهة الهجمة (2) : خدعوهم بقولهم نخب، فما استعادوا من "حليمة" الا عاداتها القديمة

[ الشعب نيوز/ وسائط – هذا نص كتبه الأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد ونشره على صفحته الخاصة تعقيبا منه على هجمة سفيهة شارك فيه بعض ممن هم غير جديرين بالوصف والتعريف على عمال قطاع النقل ونقاباته. واكشف حقدهم الاعمى وتخبطهم عندما نجح الاضراب 100 بالمائة رغم كل محاولات التكسير والاجهاض مجتمعة.

النص طويل نسبيا، قسمناه في قسم التحرير الى نصوص فرعية وذلك حتى نسهل القراءة في الجزء او في الكل على من يرغب في ذلك.]

في سفاهة الهجمة (2) : خدعوهم بقولهم نخب، فما استعادوا من "حليمة" الا عاداتها القديمة

نظنّ أنها "عادة حليمة" التي لن يقع الإقلاع عنها ولن تنقطع طالما ليس هناك وعي لدى عدد كبير من الناس وعلى رأسهم "نخب" السلطة بوجوب احترام الحقوق والقوانين ومنها الحقّ في الإضراب باعتباره حقّا دستوريا علاوة على أنه حقّ دولي سنّته معايير العمل الدولية واتفاقياتها التي وقّعت على أغلبها الدولة التونسية منذ الستينات من القرن الماضي.

وقد اعتمد أصحاب الحملة على مقولات كلاسيكية وتهم تقليدية تفتقر للابتكار والعقلانية والواقعية وتحمل مغالطات كبيرة للرأي العام بهدف زعزعة ثقته وتأجيج غضبه وتوجيه ضدّ منفّذي الإضراب بدل المتستبّبين الحقيقيين فيه. ومن هذه المغالطات الممجوجة:

من إرادة الاعوان

 الإضراب غير شرعي وغير قانوني ومباغت للمواطن: للرد على هذه المغالطات، نذكّر أنّ قرار الإضراب قد صدر بعد أسابيع من الاجتماعات العمّالية العامة واللقاءات النقابية المتعدّدة سواء في مقرّات العمل او في مقرّات الاتحاد وجابت الجامعة العامة للنقل البلاد طولا وعرضا واستمعت لانتظارات الأعوان واستجابت لطلباتهم، وهو بذلك إضراب يستمدّ مشروعيته من إرادة الأعوان ولم يقرّره المكتب التنفيذي ولا غيره من الهياكل، وإن كانوا يتبنّوه ويساندوه، وإنّما كان القرار نابعا من القواعد ومؤطّرا من هياكلهم القطاعية، على عكس ما يروّج البعض بأنّه يندرج ضمن أجندا ابتدعوها من خيالهم المريض وأدخلوه في خانة ما تتوهّمه نفوسهم من هلوسات التآمر وغيرها.

وهو أيضا إضراب يفرض شرعيته من أحقّية المطالب وجدّيتها وواقعيّتها واستحقاقها. أما من حيث المفاجأة او المباغتة فنؤكّد أنّ وزارة الإشراف وجميع السلط المعنية قد أُخطِرت منذ أشهر بتوتّر الوضع الاجتماعي وبالحاجة إلى تجاوز ذلك عبر تفاوض جدّي ومسؤل، كما أن الراي العام على علم بكثير من الحيثيات عبر الإعلام ولا عذر لأحد بعد ذلك.

وزارتان و15 مؤسسة

وأمّا عن القانونية، فقد تم إبلاغ وزارة الإشراف ووزارة الشؤون الاجتماعية والتفقدية العامة للمصالحة وإدارات مؤسّسات النقل البري جهويا ووطنيا قبل الآجال القانونية عبر برقية التنبيه بالإضراب منذ 16 جوان 2025 ونشرت في الصحف وفي وسائل الإعلام السمعية والبصرية وفي المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، وسبقته برقيات أخرى تم تأجيل تنفيذها لإعطاء فرصة للحوار. ممّا يعني في المحصلة أنّ الجميع كان على علم وبينة بالحيثيات والمطالب والتواريخ والمواعيد والمواقيت فالكل قد تمّ تنبيه إلى الحدث، حتّى أنّ بعض المؤسّسات والأشخاص قد عدّلوا مواعيدهم على ضوء ذلك.

 الإضراب أضرّ بمصالح المواطنين خاصّة أنّ مستعملي النقل العمومي من العمّال والموظفين و"الزواولة: تستغل بعض المنابر الإعلامية وبعض المدونين في شبكات التواصل الاجتماعي هذه المقولة باستمرار وتكرار واجترار للتحريض ضد الإضراب وتذهب بعض وسائل الإعلام بعيدا في تجنيد أعوانها للخروج إلى الشارع وتصيد الحالات عبر أسئلة موجهة واستجداء إجابات لإظهار معاناة المواطن، التي هي بالمناسبة معاناة دائمة سواء بالإضراب أو من دونه، ولتصوير الضرر الذي حصل بسبب التوقف عن العمل بمناسبة الإضراب مع شيء من المبالغة، فتظهر مسنّة هنا ومسنّ هناك ومتنقّل من أقاصي البلاد وغيرها من الحالات …وكذا من مستلزمات تأكيد المقولة أعلاه.

سلسلة لا تنتهي من الفرص

نقول، بالتأكيد إنّ لكل إضراب تداعيات وخسائر وآثار سلبية وإلاّ لما كان هناك حوار وتفاوض ولما وضع المشرّع للإضراب آليات لتفاديه باعتباره "أبغض الحلال" ومنها المهلة القانونية للإعلان عن الإضراب في برقية تسمى قانونيا "برقية التنبيه بإضراب" لترك الفرصة للطرف أو الأطراف الأخرى لتدارس المطالب وإقامة الحوار والتفاعل وتجنب الإضراب، كذلك تعقد الجلسات الصلحية التي تسبق الإضراب وقد تجرى إلى آخر الساعات السابقة لتنفيذه، وقد تتوّج غالبا باتفاقيات (يحصل أن يتمّ إلغاء أكثر من 80٪ من الاضرابات بعد التوصّل إلى اتفاقات حسب إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية ولكم أن تعودوا مثلا إلى عدد الاتفاقيات التي تمّ إمضاؤها في الأسابيع الأخيرة والتي قضت بإلغاء الإضرابات) كلّ ذلك آليات وضعها المشرّع وجرت بها العادة الحميدة من أجل تفادي تداعيات الإضراب وتجنّب ما قد يحصل بسببه من خسائر ومن ضرر وقد راكمت بلادنا في ذلك تقاليد مشهود لها في بلدان كثيرة، لذلك ليس بدعة أن ينفّذ الإضراب رغم العلم بآثاره التي لم يسع المشغّل في هذه الحالة لتجنّبها عبر التفاعل الإيجابي وعدم التجاهل وحسن التفاوض والابتعاد عن المناورات وترك الحيل بعيدا.