الإعلان عن نتائج الباكالوريا بعد ايام : من زمن مضخّمات الصوت الى عصر الارساليات القصيرة

الشعب نيوز / ناجح مبارك - انطلقت أول أمس الاثنين 2 جوان 2025 اختبارات الدورة الرئيسية لشهادة الباكالوريا، التي تعدّ أهم الامتحانات الوطنية في تونس، إذ تفتح هذه الشهادة أبواب التعليم العالي أمام الناجحين وتمنحهم فرصة الارتقاء الاجتماعي، خاصة بالنسبة إلى من ينحدرون من عائلات محدودة الدخل.
* مطالعة ومراجعة
غير أنّ هذه الشهادة، التي حافظت على رمزيتها لعقود، أصبحت اليوم مرآة للتغيّرات الكبرى التي طرأت على المنظومة التربوية، إذ يشهد التحضير لها تحوّلات جذرية. فبينما كان تلميذ التسعينيات والثمانينيات يعتمد المطالعة والمراجعة الفردية في المكتبات على مدى أشهر، بات اليوم يعتمد التطبيقات الرقمية، بل وحتى على الذكاء الاصطناعي، للحصول على ملخّص جاهز.
"الباكالوريا تغيّرت كثيرا، سواء في ظروف تنظيمها أو في طبيعة التحضير لها، لكنها ما زالت تحتفظ بقيمتها الاجتماعية المرموقة"، هكذا تحدثت سامية، (56 سنة) موظفة باحدى المؤسسات العمومية، مضيفة قولها "في زمننا لم يكن من الممكن الحصول على دروس دعم، فالدروس الخصوصية كانت شبه منعدمة، وكان الاعتماد كلّه على ما يقدّمه الأساتذة في الساعات الرسمية."
* دروس خصوصية
وتظلّ الدروس الخصوصية من أكثر الملفات التربوية تعقيدا،حسب تحقيق الزميل الهادي الحريزي لوكالة تونس افريقيا للانباء إذ تتشبّث وزارة التربية بمنع تنظيمها خارج المؤسسات التربوية، في حين تتزايد فضاءات تقديم هذه الدروس في المنازل أو مراكز خاصة، وسط غياب التنسيق بين الأولياء والمدرّسين بشأن الضوابط القانونية.
وفي استرجاعها لذكريات الثمانينيات من القرن الماضي، تقول سامية التي تحصلت على شهادة الباكالوريا في سنة 1987: "كنّا نذهب إلى المعهد ونعود منه دون مرافقة، أمّا اليوم، فالأولياء يرافقون أبناءهم ذهابا وإيابا، وهذه نقطة إيجابية في نظري، تعكس اهتماما أكبر بالمتابعة الأسرية."
فالأولياء، رغم وعيهم في تلك الفترة بقيمة الشهائد العلمية وأهميتها في الارتقاء اجتماعيا، فقلة أولئك الذين يتابعون عن قرب المسار الدراسي لابنائهم وكانوا يهتمون فقط بالنتائج، ما يجعل التلميذ يعمل في اريحية اكبر بعيدا عن الضغوطات ويتحمل مسؤولية اكبر، لكن تلاميذ اليوم بصفة عامة وتلاميذ الباكالوريا على وجه الخصوص، يتعرضون الى ضغط كبير قبل الامتحان واثناء اجتياز الاختبارات.
* انتظارات ونتائج
واعتبرت رملة (49 سنة) التي تحصلت على شهادة الباكالوريا سنة 1993، أن للباكالوريا ايام زمان رونقا اخر، فالإعلان عن النتائج كان يتمّ في ساحة المعهد عبر مضخّمات الصوت، ويتولّى المدير أو القيم العام بالمعهد تلاوة كل أسماء المترشّحين لامتحان الباكالوريا وليس فقط الناجحين حيث يكون كل اسم مرفوقا بملاحظة سواء كان ناجحا، او راسبا، او مؤجّلا إلى دورة المراقبة.
وتروي، مريم ( 46 سنة) تجربتها مع نتائج الباكالوريا، "تلقيت نتيجة الرسوب عبر مضخّم الصوت... شعرت بالذهول والصدمة، رغم أنني كنت تلميذة متميزة، لكنني نجحت في العام التالي بعد اجتياز دورة المراقبة لسنة 1996."
واضافت قولها "في الحقيقة الاعلان عن النتائج باستخدام الإرساليات القصيرة اليوم، يقي الراسبين التشهير وما ينتج عنه من تاثيرات نفسية خاصة عند الاعلان عنه في حضور عديد الاشخاص ويكون من بينهم بعض المتنمرين فقد "كان سكان الأحياء المجاورة يتجمّعون لسماع النتائج، في مشهد احتفالي"
وقد شهدت تونس تنظيم أول دورة للباكالوريا سنة 1891 بالمعهد الصادقي، وكانت مطابقة للامتحان الفرنسي من حيث البرامج والتنظيم، ولم ينجح فيها سوى ستة تلاميذ تونسيين.
وبعد الاستقلال، تمّ إحداث شهادة "باكالوريا التعليم الثانوي" سنة 1957 بمقتضى أمر حكومي، وأُجريت أول دورة وطنية يوم 31 ماي 1957 تحت إشراف وزير المعارف آنذاك الأمين الشابي، وبلغ عدد الناجحين آنذاك حسب وثائق وزارة التربية، 289 مترشحا.