وطني

المزونة : جدار الإهمال يُسقط الضحايا ويُشعل الغضب

الشعب نيوز / الهادي الرداوي -  في صباح الإثنين 14 أفريل 2025، استيقظت مدينة المزونة، إحدى معتمديات ولاية سيدي بوزيد، على فاجعة هزت قلوب أهلها.

انهار جزء من جدار معهد المزونة الثانوي، مخلفًا ثلاثة تلاميذ ضحايا في عمر الزهور، وعددًا من الجرحى، اثنان منهم في حالة حرجة.

هذا الحادث لم يكن مجرد سقوط جدار، بل صرخة مدوية كشفت عن هشاشة البنية التحتية وإهمال السلطات الممتد منذ سنوات في مدينة تحمل إرث الثورة التونسية.

 

 يوم حداد وصوت نقابي يعبر عن الألم

بدعوة من الجامعة العامة للتعليم الثانوي والأساسي، عاشت المزونة يوم حداد تخللته دعوات للمحاسبة.

الأخ حاتم الهاني، الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي، عبّر عن الغضب النقابي قائلًا: "ما حدث جريمة بكل المقاييس. البنية التحتية في معاهدنا متداعية، وظروف التلاميذ كارثية. الجدار المنهار كان خطرًا معلومًا، وقد حذرت إدارة المعهد السلطات الجهوية منذ 2022، لكن الصمت كان الجواب الوحيد. إلى متى سيظل أبناؤنا يدفعون ثمن الإهمال؟"

كلام الهاني يعكس واقعًا مريرًا في المزونة، حيث البطالة، الفقر، وتردي الخدمات يخيمون على الحياة اليومية، فيما الوعود بالتنمية تظل حبرًا على ورق بعد أكثر من عقد على الثورة التي انطلقت من هنا عام 2010.

 

احتجاجات شعبية وغضب يتصاعد

بعد تشييع الضحايا الثلاثة ، تحول الحزن إلى غضب شعبي عارم. تجمع مئات المواطنين وسط مدينة المزونة، حيث أشعلوا الإطارات المطاطية في الشوارع، وتظاهروا أمام مقر الحرس الوطني، مرددين هتافات تطالب بالعدالة مع التأكيد على  التزامهم بمواصلة التحركات حتى تتحقق المحاسبة.

  

في تصريحاتهم، طالب عدد من المواطنين بضم معتمدية المزونة إلى ولاية صفاقس، معتبرين أن السلطات في سيدي بوزيد تتجاهل معاناتهم المستمرة. وقال أحدهم: "سئمنا من التهميش.

لا مستشفيات لائقة، لا مدارس آمنة، ولا تنمية. صفاقس أقرب إلينا من مسؤولي سيدي بوزيد الذين نسونا." هذا المطلب يعكس إحباطًا عميقًا من غياب الإرادة السياسية لمعالجة أزمات المناطق الداخلية.

 

مدينة تنزف وتنتظر العدالة

المشهد في المزونة يحمل صدى ثورة 2010 التي بدأت على بعد أميال من هنا، حين أضرم محمد البوعزيزي النار في جسده احتجاجًا على الظلم. لكن، بعد 15 عامًا، يبدو أن المدينة ما زالت عالقة في دوامة الإهمال.

التلاميذ الذين كانوا يمارسون نشاطًا رياضيًا لم يجدوا فرصة للهروب من الركام، والأهالي يرون في الحادث رمزًا لجدار أكبر: جدار التهميش الذي يحاصرهم مع تعليق الدروس في المؤسسات التربوية واستمرار الاحتجاجات، تبقى المزونة تنتظر إجابات.

هل ستكون هذه الفاجعة نقطة تحول لإنصاف المدينة، أم ستظل صرخات أهلها محصورة بين جدران الوعود المؤجلة ؟