آخر ساعة

، تونس في أم العرايس... تودّع إبنها الجميل جاد الهنشيري طبيب شعبها

الشعب نيوز/ أم العرايس قفصة - ودعت اليوم، الاحد 31 مارس 2024 ، تونس في مدينة أم العرائس طبيب شعبها وابنها البار الفتى الجميل جاد الهنشيري. ففي جنازة مهيبة احتضنتها تلك المدينة المكلومة، هب المئات بل الالاف من كل حدب وصوب ليودعوا ذلك الفتى الجميل ويبكوه بحرقة العاجز امام المصاب الجلل والصدمة الجارفة.

كثيرون كتبوا عن الطبيب جاد، عن خصاله، عن ثقافته، عن حبه للناس وللوطن عن تفانيه في العمل ولكن أبلغ ما كتب في رأينا هو ذلك الذي جاء في كلمة التأبين التي ألقاها في تأثر بالغ صديق الرحلة الصاخبة ورفيق المسيرة العسيرة بولبابة مخلوف.

[غادرنا اليوم رفيق عظيم بحجم وطن

رفيق كان يأمل ان يرى تونس أجمل وكان يقول دائما ان علينا الاعتناء ببعضنا البعض.

بدأت حكايته طفلا صغيرا مليئا بحب الحياة لاعبا بين أزقة أم العرايس هذه المدنية المقاتلة التي نحتت فيه انحيازه المطلق للمفقرين والمهمشين والطبقات الشعبية.

أحب المعرفة وأراد التغيير وعشق فلسطين فكان الحكيم جورش حبش قدوته وكانت الثورة غايته.

أحبه الناس فأحبته الجامعة والطلبة واحتضنه شعب بأكمله.

---------

كنا مجموعة صغيرة في البداية

اجتمعنا حول هدف التغيير و حلمنا بوطن حر و شعب سعيد .

كانت بداية عقد العشرينات مليئة بالحماس والأمل.

كنت يا جاد احد اعمدة تجربتنا و كنت اكثرنا ايمانا ان تونس جديرة بان تعيش فوق الارض و تحت الشمس حرة مستقلة.

رغم السنين واثر الزمن، بقينا نحمل في أعماقنا ذلك العهد و ذلك الحلم بجعل هذه البلاد مكانًا يصلح للعيش ..

---------

ايها الراحل الكبير في لحظة غفلة..

في لحظة يكون فيها العالم نائماً، وتكون فيها انت يا جاد في أوج مسيرتك..

لم يروضك الموت، ولم يمهلك حتى يودعك رفاق دربك ويودعك وطن كان ينتظر ان تزف له احلامك،

ففي مكان آخر من هذا العالم تزداد جروح الناس ويحصي العالم عدد الشهداء و تكشر الصهيونية عن انيابها و نذرف نحن دموعنا ليحزن القائد والمناضل و المواطن على حد سواء.

رحلت واحلام جيل بحاله تراوح مكانها فالوطن متعب و الصحة العمومية منهكة و فلسطين لم تتحرر بعد ..

فمن يمكن ان يتقلدها من بعدك ايها القائد..

نحن لا نعزي عائلتك فيك فقط، بل نعزي انفسنا ، ونعزي وطناً حملته هماً باحلامك....

الموت له هيبته ففيه على الأقل نتذكر ان نجتمع مرة اخرى ..

نحن اليوم لسنا بحاجة للبكاء، نحن بحاجة لقلوب بحجم المحيطات لتتحمل الفاجعة و تواصل المسيرة من حيث انطلقت ..

من بين أزقة الأحياء الشعبية حيث يعلو صوت المهمشين و تصمت ثرثرة أصحاب النفوذ ..

حيث الارادة التي تحكمها سلطة قرار الحالمين ..

-------

كنت بينهم و معنا وبيننا ..

في حلقات و ليال طويلة تأبى الاستسلام التقينا وتقابلنا و ناقشنا بعضنا البعض حتى تعبنا و اخذنا النوم سويعات معدودات لنعود ونعيد الكرة..

رحلتك في هذه الحياة لم تكن طويلة ورغم ذلك تركت أثرا كبيرا

بين ضلوعنا .. في أفكارنا ..في الأمل الذي نحتّه في تفاصيل كينونة كل منا..

يعرفك الكثيرون منا و قصصك لا تنتهي

مغامرا الى درجة التهور

لا يحول بينك وبين ما تريد شيء

كل منا كان يرى نفسه فيك

قد لا تكفيك الكلمات حقك

و أن للانسان ما ترك من أثر في هذه الحياة

وأنت كنت الاثر في كل ثنايانا

و تركت لنا درسا كبيرا فحواه

ان نعتني ببعضنا البعض و أن ننبذ الشر وأن نجتمع دوما بهدف التغيير ..

نحن اليوم لا نواريك الثرى بل نغرسك وردة في رحم الأرض لتنبت فكرة تستمر أبد الدهر .

سنظل نحب البلاد كما لا يحب البلاد احد ، كما كانت اولى صرخاتك في الجامعة .

وداعا يا رفيقنا جاد، وداعا يا صديقنا، وداعا يا قائدنا و إنا على ما عاهدناه اياك لباقون ..

إنا لله و إن إليه راجعون

الوداع يا رفيق.]

صور أخرى للجنازة تجدونها في: https://www.facebook.com/UgttPressGroup/