وثائقي

مذكرات العميد منصور الشفي(16) عن أزمة 1965:  عاشور يرفض عرضا خاصا بطلب العفو عنه

في الصورة: الرئيس الحبيب بورقيبة رفقة كاتبه الخاص علالة العويتي

الشعب نيوز/ وثائقي - يواصل الاستاذ منصور الشفي سرد حيثيات المحاكمة التي تعرض لها الحبيب عاشور وياتي على حكم البراءة الذي وقع استئنافه وابعاد القاضي الذي نطق به فضلا عن دعوة الى تقديم طلب عفو من الرئيس الحبيب بورقيبة.

أستطيع القول الآن وبعد سنوات طويلة من هاته المحاكمة ان الدفاع المتمثّل في الأستاذ بللونة وفي شخصي كان وبدون أي إدّعاء أو غرور على مستوى رفيع وقد أشاد الحبيب عاشور في مذكراته بدفاعنا عنه.

وكان ان إختلى الذهبي العباسي للمفاوضة وكم كان سرورنا عظيما لمّا فاجأنا بالحكم بعدم سماع الدعوى.

ولم يكن محمد فرحات الوكيل العام للجمهورية متوقّعا لهذا الحكم بالرغم من أنّه كان مقتنعا بأنّ عبارة (أعط لها السيد الأوراق التي يريد) لا يمكن ان تكوّن بالنسبة للحبيب عاشور جريمة هضم جانب حاكم التحقيق.

ورجع نيكولاي مع الحبيب عاشور ومعي الى تونس العاصمة.

ومن الغد وعند الظهر أذاعت الإذاعة التونسية خبر إلتقاء نيكولاي بالرئيس بوريبة، وفي تصريح له عبّر نيكولاي عن سروره بالحكم على الحبيب عاشور بعدم سماع الدعوى وهو ما يظهر أنّ العدالة التونسية شفافة. وعلمنا فيما بعد أنّ الرئيس بوريبة لمّا إستقبله قال له أرأيت كيف أنّ القضاء التونسي مستقل.

استئناف الحكم وابعاد القاضي

لكن الحبيب بورقيبة أعطى بعد ذلك تعليماته الى محمد فرحات بإستئناف ذلك الحكم وبعد مدّة استدعي الحبيب عاشور للحضور أمام المحكمة الابتدائية بصفاقس بوصفها محكمة استئناف لأحكام الناحية وكنت أنا محاميه ووقع نقض الحكم الإبتدائي والقضاء مجدّدا بالإدانة والسجن لمدّة ثلاثة أشهر مع تأجيل التنفيذ وقد ترأس الجلسة القاضي المنصف الحمزاوي.

أمّا القاضي الذهبي العباسي فبعد ثلاثة أيّام فقط من إصداره الحكم بعدم سماع الدعوى تمّت نقلته الى محكمة بأقصى الجنوب ولم تبق له أيّة مسؤولية قضائية وقضى كامل الفترة اللاحقة معاقبا أي طيلة خمس سنوات الى أن رجع الحبيب عاشور إلى الاتحاد سنة 1970 فطلب من وزير العدل في حكومة الهادي نويرة الأستاذ محمد الفيتوري المحامي برفع المظلمة التي سلطت على القاضي الذهبي العباسي وهو ما قام به في وقت وجيز ولم ينتظر إجتماع المجلس الأعلى للقضاء بل نقله الى سوسة ومنحه كلّ الترقيات التي حجبت عنه في الفترة السابقة.

وكان قبل ذلك أن أتم القاضي أحمد شراقة التحقيق في القضية إذ أصدر بتاريخ 1965/8/31 قرارا بختم البحث حيث تقرّرت إحالة الحبيب عاشور على المحاكمة هو وبقية المتهمين معه رابح عطيّة ومحمد البعتي ومنصور حميدة وفخرالدين الكاتب وفي نفس ذلك الأسبوع رافقت الحبيب عاشور الى صفاقس حيث قمنا بإستئناف قرار ختم البحث وبقي الملف لدى محكمة الإستئناف بصفاقس حيث لم تنظر فيه دائرة الإتهام التابعة لمحكمة الإستئناف الاّ بعد ثلاثة أشهر من ذلك التاريخ أي 1965/12/4.

من هذا الذي دخل على الخط؟

وفي تلك الفترة بالذات دخل علالة العويتي الكاتب الخاص للرئيس بوريبة على الخط وربط علاقة مع الحبيب عاشور وأصبح يستدعيه للمقاهي أو للمطاعم بالضاحية الشمالية وكان يسعى للحصول من الحبيب عاشور على مطلب في العفو من الرئيس وكان القصد منه في اعتقادي وكما أظهرت بعض الأحداث ذلك هو إحداث قطيعة بين الحبيب عاشور وأحمد التليلي في الخارج ليقال لأحمد التليلي هذا الشخص أي الحبيب عاشور الذي تقول عنه أنّه مظلوم وجندت نفسك للدفاع عنه هاهو يطلب العفو ويعتذر عمّا صدر عنه.

كان الحبيب عاشور رافضا لذلك العرض رفضا مطلقا وسأعود لهذا الموضوع في مكانه من رواية هاته الأحداث واكتفي الآن بهاته الإشارة العابرة فقط.