وثائقي

مذكرات العميد منصور الشفي(13): أزمة 1965 أدت الى عزل عاشور وهجرة تليلي والى افراغ الاتحاد من منخرطيه ومناضليه

الشعب نيوز/ مذكرات العميد منصور الشفي – يستمر العميد منصور الشفي في سرد مذكراته حول أزمة 1965 التي أدت في الجانب الرسمي الى عزل الحبيب عاشور وأحمد التليلي من قيادة الاتحاد ولكن في الواقع العمالي والشعبي الى افراغ الاتحاد من المناضلين والمنخرطين. 

عمل الحبيب عاشور على تكوين نقابات موازية كما ذكرت مع قيادة سرية مسيّرة تمثلت في الحبيب بن غزية ومسعود كليلة عن شركة السكك الحديدية ومبروك كنوّ من وكالة التبغ والوقيد وسعيد الحداد من شركة الكهرباء والغاز والحاج محمد الدامي عن جامعة الاشغال العامة وسعيد قاقي عن جامعة المهن المختلفة حين كان ابراهيم مالوش كاتبها العام مبعدا مع الهادي القارصي الكاتب العام للاتحاد الجهوي بسوسة بمعتقل" الهوارب " ببادية القيروان، حيث اقام عمر شاشية والي سوسة وصديق بن صالح هذا المعتقل لينفي فيه عديد الاشخاص الذين كانوا يعتقلون به دون اية محاكمة وكان نصيب الهادي القارصي وابراهيم مالوش ان بقيا فيه مدّة سنة كاملة.

نقابات سرية

 وتمثلت هذه النقابات الموازية في قيادات نقابية انسحبت من النشاط الفعلي بالاتحاد العام وواصلت بصفة سرية اشرافها على العمل النقابي داخل المؤسسات التي يعملون بها. فبعد اعتقال ابراهيم مالوش، اصبح المسيّر السري لجامعة المهن المختلفة - وكانت اهم جامعة واقواها - المناضل سعيد قاقي الذي بذل من التضحية والجهد في الابقاء على مناضلي الجامعة بعيدين عن قيادة الاتحاد المنصبة الشيء الكثير.

أما جامعة الكهرباء والغاز فكانت الكلمة الفصل فيها لسعيد الحداد ثم بعد فترة قصيرة التحق به الاخضر الجليدي ومن جامعة السكك الحديدية الحبيب بن غزية ومسعود كليلة وعبد الرزاق ايوب والهادي الدبّ.

 كذلك كان الحاج محمد الدامي عن جامعة الاشغال العامة وكان من أقرب النقابيين للحبيب عاشور وقد قام هو وزوجته فطومة النملة المناضلة السياسية والنقابية بدور كبير فقد كان هو المنسق بين نقابيي تونس ونقابيي صفاقس وهو الذي سعى الى جلب العديد من النقابيين القدامى من الذين ابتعدوا عن العمل النقابي، البعض منهم كان من مؤسسي الاتحاد العام، مثل الهاشمي بلقاضي وعمر الرياحي وسعد الشيباني الذين انسحبوا من العمل النقابي لسبب او لآخر.

صداقة متينة

وقد نشأت بيني وبين كل هؤلاء النقابيين صداقة متينة بقيت وسأبقى معتزّا بها طيلة حياتي

 كما عاد من صفاقس للإلتفاف حول الحبيب عاشور عدد من الذين واكبوا مسيرته النقابية أمثال عبد الرحمان الكامل والعيادي الصدود واحمد غليلة واخوه عبد الرحمان والجيلاني عاشور واخوه التهامي ومحمد الفهري مسؤول نقابة الكهرباء والغاز وزوجته النقابية المتحمسة حبيبة الدبّ عضوة نقابة شركة السكك الحديدية والحسين كعو وعبد الحفيظ العربي وكل هؤلاء كانوا معرضين يوميا للهرسلة والمتابعة من طرف رجال الامن خاصة اذا ما وجدوا كتابات على الجدران تنادي بحياة الحبيب عاشور وتتهجم على أحمد بن صالح..

كلّ الاشخاص الذين ذكرتهم كانوا جميعا من مسيّري قطاعات نقابية مهمة انحازت بثقلها للحبيب عاشور وأحمد التليلي اللذين اصبحا في نظر النقابيين كتلة واحدة تعمل من اجل استقلالية المنظمة.

التليلي في أمريكا

وفي سوسة حصل الشيء نفسه فقد اندفعت قيادات نقابية شابة بدعم من الهادي القارصي الذي وان كان قد نفاه الوالي عمر شاشيّة من سوسة، الا انه بقي له من اصدقائه الذين كانت لهم مقدرة كبيرة على التأطير ما يكفي لإضعاف صفّ النقابيين البنصالحيين والتي كانت سوسة احدى معاقلهم وكذلك الامر بالنسبة لقفصة فقد تجنّد أصدقاء احمد التليلي للابقاء على جذوة الاستقلالية النقابية.

وكان احمد التليلي في الخارج يشيد بعمل هذه النقابات الموازية ويندّد بنفي ابراهيم مالوش والهادي القارصي الى معتقل الهوارب دون اية محاكمة ويقدّمها في محاضراته التي القاها بأمريكا بسعي من النقابات الامريكية وبتأييد من زعيمها جورج ميني وممثلها في اوروبا ايرفنق براون او في مقالاته عن حيوية الطبقة الشغيلة التونسية وكيف ان اساس عملها هو النقابية المطلبية.