دولي

أمين عام الإتحاد الدولي للنقابات للشعب نيوز: إذا كان هناك أحد قادر على تغيير العالم الآن فهو النقابات.

الشعب نيوز/ نصرالدين ساسي - بمناسبة انعقاد الدورة الرابعة عشر للمجلس العربي للنقابات بالحمامات كان لنا حوار مع الرفيق "لوك تريانغل" الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات. وقد طال الحديث عددا من المسائل من بينها موقف الاتحاد الدولي من العدوان الغاشم على غزة وكذلك أبرز محاور الأجندة النقابية للاتحاد الدولي في علاقة بالتحديات المطروحة دوليا وعربيا وكذلك سبل مواجهة التضييقات المتزايدة على الحريات والحقوق النقابية في العالم وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

  • كيف تحدد لنا موقف الاتحاد الدولي للنقابات من العدوان على غزة

إنه من الواضح اليوم بان المعارك والحرب يجب أن تنتهي ويجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار وفتح المعابر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية من أدوية وطعام. هذا على المستوى العاجل.

 أما ما يحدث اليوم فهو ليس معزولا عن سياق نزاع قديم يعود إلى أكثر من سبعين عاما وهذا يدفعنا إلى العودة إلى مختلف القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفي مقدمتها القرار الأممي الصادرة في نوفمبر 1967 والقاضي بحل الدولتين واحترام الحدود المنصوص عليها قبل عام 1967.

 وبالنسبة لنا في الاتحاد الدولي فقد قررنا في مؤتمرات سابقة دعمنا لمقررات مجلس الأمن ومن بينها التوصية الأخيرة التي تحدثت عنها لذلك لا نرى أي حلول لهذا الصراع عبر العنف لأن الحرب لن تفرز أي منتصر، وحده السلم قادر على تحقيق الانتصارات لذلك علينا جميعا أن ننادي بالسلم.

  • ألا ترى أن المواقف النقابية كانت ضعيفة حتى مقارنة بالأمم المتحدة؟

انأ لا أتفق معك في هذا الجانب فمواقفنا متناغمة مع الأمم المتحدة، لكن نحن في الاتحاد الدولي لا نلتقي بشكل يومي فلنا مسارنا الديمقراطي وسلطات قرارنا من المؤتمر إلى المجلس العام وإذا ما رأت سلطات قرارنا أنه من الضروري والعاجل الالتقاء والاجتماع فإننا نلتقي ونحرص على تدارس الموقف العام للمجموعة لان قراراتنا في الأخير هي نتاج لمواقف المجموعة وليست مرتبطة بموقف شخص بعينه وإنما موقف المنظمة النقابية هو المحدد.

  • هل تعتقد بأن النقابات في العالم ما تزال تمتلك قوة التأثير في السياسات؟ 

إذا ما ذهبنا ابعد مما يحدث في غزة فان العالم يشهد اليوم صراعات عديدة في مناطق مختلفة ونحن كإتحاد دولي نعتبر أكبر حركة اجتماعية في العالم فنحن نتحدث باسم ملايين الأشخاص والعمال لذلك نعم نحن لنا وزن على مستوى المحادثات السياسية دوليا سواء صلب الأمم المتحدة أو بقية الوكالات على غرار منظمة العمل الدولية.

 وأنا عدت مؤخرا من جنيف أين ربحنا معركة حق الإضراب وهذا يبين قدرتنا على التأثير في السياسات في العالم لكن علينا أن نتكلم بصوت واحد وهذا ليس بالأمر الهين لأنه مرتبط بالمداولات والنقاشات على المستوى الداخلي والتوصل إلى توافقات على هذا المستوى والتوافقات يمكنها أن ترضي البعض ولا ترضي البعض الآخر لذلك فهي حلول وسط فبلورتها والتوافق حولها يعكس التنوع الذي يميز المنظمة النقابية الدولية والذي يعطيها كذلك قوة التأثير.

  • تحدثتم عن حق الإضراب، فأين وصلت الاستشارة مع منظمة العمل الدولية في هذا الشأن؟

إننا نعتبر حق الإضراب مسالة جوهرية ومبدئية وإذا كانت هناك اليوم ظروف عمل لائقة فلأننا نملك حق الإضراب ولأننا ناضلنا باستعمال هذا الحق ليس لأننا نحب خوض الإضرابات لكن لان هذا الحق هو أداة للضغط من اجل تطوير الجوانب الاجتماعية وظروف العمل ومستويات التأجير. لذلك، فهذا الحق بالنسبة لنا أساسي وما لاحظناه خلال العشرية الأخيرة على المستوى الدولي بأن أرباب العمل يحاولون داخل منظمة العمل الدولية التضييق على هذا الحق معتبرين أن حق الإضراب لا يندرج ضمن حق وحرية التنظم.

نعمل من أجل عقد اجتماعي جديد صلب الاتحاد الدولي من أجل عالم أفضل أكثر ديمقراطية ومساواة وعدالة.

 الآن يمكن لنا أن نكون فخورين بما حققناه من خلال دفع منظمة العمل الدولية إلى إحالة حق الإضراب على أنظار محكمة العدل الدولية والتي عليها التأكيد لاحقا على أن الحق في الإضراب هو جزء أساسي من حرية تكوين الجمعيات. ونحن مقتنعون بان محكمة العدل الدولية ستذهب في اتجاه تأكيد هذا الحق وبالتالي لن يوجد أي شك في علاقة بهذا الحق وإذا كان أي بلد مصادقا على الاتفاقية 87 المتضمنة لحرية تكوين الجمعيات فإن حق الإضراب مكفول بالضرورة وكنا لاحظنا في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تضييقات متصاعدة ضد حق الإضراب فهذا يجب أن يتوقف اليوم ونحن كإتحاد دولي للنقابات سنقف مع منظورينا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من اجل تامين حق الإضراب.

  • ما هي أبرز الملفات التي يشتغل عليها الاتحاد الدولي للنقابات؟

من الواضح أننا نعيش اليوم المزيد من الانتهاكات للديمقراطية وتجاوزات بعد صعود عديد الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهذه الأنظمة لا ترغب في الديمقراطية ولا تأخذ بعين الاعتبار بقية السلطات البرلمانية ومكونات المجتمع المدني ولا تهتم كثيرا بمنظومة حقوق الإنسان. لذلك فإن التحدي الأكبر للحركة النقابية الدولية هو الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم المساواة وحقوق المرأة والحق النقابي.

 وقد لاحظنا أن الأنظمة الاستبدادية تتجه مباشرة نحو ضرب المجموعات والحركات النقابية لأننا الطرف الأكبر الذي يتشبث بالدفاع عن الديمقراطية ونتناقض مع مخططات هذه الأنظمة لأننا على قناعة بأن الدفاع عن الديمقراطية والسلم في العالم هو الضمانة الأنجع للدفاع عن حقوق العمال والحق النقابي في مختلف أنحاء العالم.

على صعيد آخر نلاحظ تنامي عدم المساواة في مختلف أنحاء العالم وهناك اتجاه متنام نحو انعدام المساواة والإنصاف بين الدول وبين الجهات والأقاليم لذلك نحن نعمل في العقد الاجتماعي الجديد للاتحاد الدولي للنقابات ولنا تصور لعالم جديد، عالم أفضل وهذا ما نسعى إليه في العقد الاجتماعي الجديد.

  • ما هي ملامح مقاربتكم في علاقة بملف التغيرات المناخية ومستقبل العمل؟

إن التغيرات المناخية هي مجال يتوجب علينا النضال فيه لأنه ليس هناك عالم آخر لنعيش فيه. فنحن نعيش في هذا العالم وعلينا الانتباه إلى الظروف الحافة بنا ومستقبل الأجيال القادمة بإيقاف مسار الاحترار وهذه مسؤوليتنا اليوم. لذلك، نحن نعمل على المستوى الدولي من اجل خيارات واضحة بشأن تقليص احترار كوكبنا ونحن لسنا حركة بيئية "خضراء " مهتمة بالطبيعة فحسب، بل نحن حركة نقابية تناضل من اجل الدفاع عن مواطن شغل الملايين من العمال الذين تأثروا أو سيتأثرون مستقبلا بالتغيرات المناخية جراء تراجع عديد الأنشطة الملوثة وتقلص اللجوء إلى الطاقات الأحفورية وهذا سيؤثر بلا شك في فرص العمل.

سنقف مع منظورينا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من اجل تأمين حق الإضراب. 

 لذلك علينا حين ما نفكر في مواجهة التغيرات المناخية أن نعمل على ضمان الانتقال العادل ونضمن مستقبل العمال ووظائفهم وأجورهم لذلك لا يمكننا أن نكون خارج هذه التحديات وسنشارك في مختلف النقاشات والمداولات ولنا مخطط لربط التغيرات المناخية مع استدامة مواطن العمل.

  • هل تعتقد بأن النقابات قادرة على صياغة قوانين جديد للعبة عبر عقد إجتماعي شامل؟

كما قلت سابقا، نحن قوة اجتماعية كبيرة وإذا كان هناك أحد قادر على تغيير العالم فإنه بلا شك النقابات، فالنظام الرأسمالي الحالي يجعل الأغنياء أكثر غنى والفقراء يزدادون فقرا ونحن نرى تنامي عدم المساواة وتقلص تكافؤ الفرص وهذا نتاج لخيارات سياسية طوال العقود الماضية. لذلك نحن لنا مخطط وتوجه واضح من خلال عقدنا الاجتماعي الجديد الذي يركز على خلق مواطن الشغل وضمان الأجور والمساواة والحقوق والحريات والحماية الاجتماعية والاندماج فنحن نقدم خيارا واضحا ولا نقبل بذريعة عدم توفر التمويلات لتفعيل هذا العقد الاجتماعي وبناء عالم أفضل اليوم يتم صرف "تريليونات" الدولارات من اجل التسليح والحروب وكذلك ألاف مليارات الدولارات تضيع جراء التهرب الجبائي وإذا أخذنا جزء من هذه الأموال الضخمة لتحقيق عقدنا الاجتماعي الجديد فالعالم سيكون بلا شك أكثر ديمقراطية وسلاما وأكثر مساواة وعدالة.

  • نشر في عدد الشعب الورقية المؤرخ في 16 نوفمبر 2023.