دولي

في تقرير الاتحاد العربي للنقابات: ​​​​​​​تجذير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إعادة الأمل للشباب وتدعيم الصف النقابي عربيا ودوليا

الشعب نيوز/ نصرالدين ساسي - خلال أشغال الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة عشر للمجلس العام للاتحاد العربي للنقابات العربي للنقابات المنعقدة بالحمامات في تونس، تولت الاخت هند بن عمار السكرتيرة التنفيذية للاتحاد العربي تقديم تقرير حول الوضع العام بالمنطقة العربية.

وقد اعتبرت في البداية بان الاتحاد العربي  بات يشكل قوة عمالية نقابية عربية تناضل من أجل القضايا العادلة والسلام في العالم وبناء مجتمعات ديمقراطية مستدامة وتقف أمام كل جهة تناهض العمال و النقابات وتكافح الاستغلال وتفاوض للحصول على حصة عادلة من الثروة التي يخلقها العمال وحقهم، وحق كل الفئات الهشة في المجتمع في تنمية شاملة ومستدامة، مبرزة ان العديد من المنظمات الأعضاء بالاتحاد قد اثبتت قدرتها على تحقيق ذلك عبر نهج الحوار والمفاوضة وأساليب الضغط المشروعة.

منطقة الفرص الضائعة 

 أعتبرت الاخت هند في تقريرها بان الحقوق الاقتصادية الاجتماعية هي عناوين تاريخية لأغلب الازمات والاحتجاجات والإضرابات التي نادت بها الشعوب العربية وقادتها النقابات وهي نفس العناوين التي تستمر إلى اليوم بشكل يدفع إلى الاتفاق مع التقارير المختصة في المسالة الاقتصادية والاجتماعية التي تصف المنطقة العربية بأنها منطقة الفرص الضائعة.

وقد شكلت النقابات العربية شاهداً على العصر، باعتبارها خط الدفاع الأول عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال والفئات الهشة ودفعت مقابل ذلك الكثير، وها هي اليوم تجد نفسها في مواجهة التداعيات السلبية للسياسات التنموية والاقتصادية الأحادية لحكومات تخلت، وبصفة شبه كلية، عن دورها التعديلي وفسحت المجال لبروز معضلات اقتصادية واجتماعية خطيرة.

من هذا المنظور، تعيش أجندات المنظمات النقابية العربية ضغطاً غير مسبوق نظيميا وماليا وبشريا، فكيف يمكنها الاستجابة بالإمكانيات الحالية المتاحة لاستحقاقات تحمل عناوين كبيرة مثل : تغييرات متكررة لسوق العمل، وبروز اشكال عمل جديدة تتسم بالمرونة والهشاشة في الحقوق  واهتراء القدرة الشرائية للعمال والفئات الضعيفة مقابل ضعف الأجور والفقر والبطالة والهجرة السرية والنزوح وتفاقم الاقتصاد غير المنظم كذلك التغييرات المناخية والاقتصاد الاجتماعي للمرأة والشباب والسياسات التعليمية والتدريبية غير المواكبة والأزمات الصحية وتنامي الفساد، وهي عضلات ستكلف بلداننا الكثير. كل هذا له كلفة كبيرة متعددة الابعاد على مجتمعاتنا اذ تعتبر تنظيماتنا النقابية أول المتأثرين بها وأول من سيكون في مواجهة سياسات التعافي من اثارها.

من أجل عقد اجتماعي عربي جديد 

أبرز التقرير بان  الاتحاد العربي للنقابات ينادي بضرورة التفاوض من أجل عقد اجتماعي جديد في المنطقة العربية، ولابد أن يحقق العقد الاجتماعي الجديد في المنطقه التعافي الذي يتسم بالقدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية وذلك على أساس توفير فرص العمل، والأجور المعيشية، والحماية الاجتماعية الشاملة. التعافي الذي يشمل النساء والشباب دون تمييز، ويحافظ على كوكب حي فلا يمكن الفصل بين العمل المناخي وتشغيل العمال إذا أردنا تحقيق استقرار الكوكب مناخيا وإنهاء الاستغلال، كما إنه لا بد من تمويل هذا التعافي من خلال ضرائب عادلة، وتخفيف أعباء الديون، وتقديم الدعم الموجه للاقتصادات النامية في منطقتنا العربية ولا يمكن السماح بان يتحقق ذلك باعتماد سياسات التقشف التي تفرض من المؤسسات المالية الدولية.

لذلك يجب العمل ليعود للناس مستقبلهم ؛ مستقبل لعمال اليوم وأطفالهم مستقبلاً يمكن للجميع فيه الحصول على وظيفة لائقة، وأجر معيشي كريم، والحصول على حقوق متساوية، وحماية في ظل سيادة القانون، وسكن جيد ورعاية صحية وتعليم وتدريب.  

من أجل إعادة الأمل للشباب العربي 

شدد التقرير على ضرورة إعادة الأمل لتسعة وثلاثين مليون شاب في بلدان المنطقة العربية الأمل من ثمار مفهوم الديمقراطية الذي درست له في الجامعات ، فشبابنا اليوم لم يتمكنوا بعد من الحصول على عمل آمن أو الحصول على تعليم بأسعار معقولة ...... والكثير من الحقوق والمزايا التي من المفروض أن تأتي مع الأنظمة الديمقراطية. فأي جهد يرمي إلى صياغة عقد جديد يجب أن يشمل الشباب. إن المشاركة المتساوية للمرأة في القيادة وصنع القرار، وفي الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية من أجل الحقوق والواجبات، وتوفير الحد الأدنى للأجور ،المعيشية والحماية الاجتماعية الشاملة هي الحل لتضييق فجوة الجندرية في منطقتنا وهي اليوم ليست خيار يُناقش . .... فلقد غضت بلداننا الطرف عن التمييز وعدم المساواة الذي تعرضت له المراة العربية .

ويجب القول اليوم  بان الحركة النقابية العربية حريصة على الدفاع عن حقوق المراة العربية في العمل والمجتمع  وان من يعتقد أن اتخاذ القرارات ذات البعد التمييزي ضد المرأة قد يخسرها فللاسف لم يفهم بعد أن أي اجراء تمييزي ضدها سينتج عنه خسارة للمجتمع ككل و لأجيال في المستقبل.

من أجل ضمان الحقوق  والحريات النقابية  

أبرز التقرير ان  المنظمات النقابية لا تواجه فقط معضلات ذات بعد اقتصادي واجتماعي، حيث أن التمعن في الأنسجة السياسية والمجتمعية في أغلب البلدان العربية خلال السنوات الأخيرة يكشف عن اهتراء الحزام التقليدي للمنظمات النقابية المتشكل أساسا من منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ذات البعد الاجتماعي، وبروز ترويج علني بانتهاء عهد النقابات والأحزاب وبداية عهد الحراك الاجتماعي الشعبي كبديل عن التنظيمات التقليدية، نقابات وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني وفي حقيقة الأمر، هي ترويجات خطيرة تندرج في سياق منهجية متكاملة تهدف لتعويم المسألة الاجتماعية وإضعاف النقابات كشريك اجتماعي تاريخي  ومفاوض رئيسي على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والحقوق والحريات العامة والفردية  التي عرفت تراجعاً كبيراً في أغلب البلدان العربية، وخاصة منها التي تتعلق بحرية واستقلالية الممارسة النقابية، وهو ما يثبته بقاء أغلب البلدان العربية في أسوء التصنيفات ضمن مؤشر الحقوق والحريات النقابية للاتحاد الدولي للنقابات وذلك طيلة السنوات الأخيرة.

استعمال القانون كغطاء لانتهاكات الحقوق والحريات

وأضاف التقرير أن ما يثير الانشغال، هو استعمال القانون كغطاء لانتهاكات الحقوق والحريات النقابية كالتضييق على حق في التنظيم النقابي أو الاجتهاد باستعمال فصول جزائية لمتابعة النقابيين قضائيا دون اعتبار لخصوصية النشاط النقابي أو احترام الاتفاقية 135 الخاصة بحماية ممثلي العمال و المساس حتى بحق الاضراب الذي نقف اليوم مع رفقائنا في الحركة النقابية العالمية بالتصدي له ضمن حملة عالمية يقودها الاتحاد الدولي للنقابات.

كما سجلنا تراجعا مفزعا في مجال حرية التعبير عبر سن قوانين تحمل فصولاً عقابية سجنية ومالية مشددة باتت تشكل خطراً مباشراً على حرية الصحافة، وعلى الحق في التعبير، وبالتالي إضعافا للممارسة الديمقراطية. كما سجلنا تدخلا فظيعا في الشؤون الداخلية للمنظمات الأعضاء عبر سن قوانين تحدد للنقابات هامش تحركها وطريقة تسييرها، كما هي وضعية الحال في ليبيا، أو مباركة السطو على النقابات الشرعية في اليمن.

وانطلاقا من هذا التحليل عملت السكريتارية طيلة الأشهر القليلة الماضية على إعداد استراتيجية كاملة لمؤازرة جهود المنظمات النقابية الأعضاء في مجال تعزيز قدرتها على الاستجابة لضرورات المرحلة وهي  الاستراتيجية التي ستحمل عنوان: من أجل تنظيم عصري واستجابة فاعلية في مجال حماية الحقوق والحريات النقابية والممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان. 

 مسؤولية مضاعفة تجاه الوضع الإقليمي والدولي

 أما إقليميا ودوليا، فقد أبرز التقرير بان ما تعيشه المنطقة العربية والعالم من نزاعات مسلحة وتصدعات داخلية بات يهدد بانفجار الوضع واتساع دائرة القطيعة والانقسام، ولنا في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا خير دليل على ذلك، هذه الحرب التي سددت ضربة قاصمة لسلاسل التوزيع العالمية، وتسببت في نقص كبير في عدد من المواد الغذائية الأساسية المتجهة للبلدان النامية.

وفي الوقت الذي كان فيه كل العالم منشغلا بهذه الحرب، صدمت البشرية جمعاء بمشاهد التقتيل اليومي للمدنيين، أطفالاً ونساء وشيوخاً بالمنطقة الأكثر كثافة سكنية في العالم الا وهي قطاع غزة هذه المدينة التي يتعرض سكانها إلى حصار منذ سنة 2007، بالإضافة إلى سلسلة حروب غير متكافئة، 2009، 2012، 2014، 2021 واخيرا سنة 2023، هذه الحرب التي لم نشهد لها مثيلاً، أطلق فيها العنان لقوات الاحتلال باستعمال كل أنواع الأسلحة، حتى غير المشروعة لاستهداف المدنيين وبناهم التحتية، وحرمانهم من المساعدات في اعتداء جديد على كل قرارات الشرعية الدولية والقوانين المنظمة لقواعد الحرب. كل هذه العوامل مجتمعة، تضعنا كنقابات أمام مسؤولية الالتزام بمبادئنا الداعمة لحق الشعوب في الاستقلال وتقرير مصيرها، والتصدي لأية محاولة لتقسيم الصف النقابي عربياً ودوليا، ولعب دورنا التاريخي كقوة ضغط رافضة للتسلط والاستعمار كما جاءت به أنظمتنا الأساسية وطنيا عربياً ودوليا.