وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة (22): محمد المنصف الزاهي.

* في الصورة التذكارية المرافقة، يظهرالاخ منصف الزاهي مقرر لجنة اللائحة الداخلية الى جانب كاتب هذه السطورفي احدى قاعات الفندق الذي انجز فيه مؤتمر جربة الاستثنائي عام 2002

حدثني عنه من كان من تلامذته في قفصة قصر، انه كان معلما واخا وابا ومربيا ومرشدا منتصرا لتلاميذه مباهيا بهم...وروى لي بعض من درسوا معه انه كان يحثهم على ايلاء التلاميذ العناية القصوى. وكانت تربطه بزملائه اواصر قوية مهنية تربوية وودية صادقة وكان يدرأ الحيف عن كل متظلم ويشد ازر كل مستغيث..

كل هذه الخصال وغيرها بوأته لينال حب الناس وثقتهم ولما ترشح للنقابة انتخبه المعلمون والمعلمات في جهة قفصة. ولما تزعم قائمة مستقلة للانتخابات التشريعية عندما أظهر النظام بصيصا من التعددية السياسية، لقي انصارا كثرا. لكنه تعرض لمضايقات وعراقيل جمة حالت دونه ودون المبتغى .

وتعرفت عليه.

عندما صرت عضوا في المكتب التنفيذي للاتحاد في التسعينات كان الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم الابتدائي سي محمد علال رحمه الله.  كان الأخ المنصف الزاهي كاتبا عاما للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي بقفصة، أي انه عضو هيأتها الإدارية القطاعية. وكنت كلما تراست الهيئة الإدارية التقي به واسأله عن قفصة وأهلها إذ انني كنت تلميذا في احد معاهدها ودرسني فيها الاستاذ عبد الحميد الزاهي رحمه الله..

يقول لي انا ايضا درست بعض أقاربك في القصر هكذا.

تولى الأخ المنصف الكتابة العامة للنقابة الوطنية بعد سي محمد علال. في عهد الاخ إسماعيل السحباني الأمين العام ...حيث كان علاوة على مسؤوليته القطاعية يشارك إلى جانبي في أشغال مجمع الوظيفة العمومية الذي كنت اشرف عليه في اوائل التسعينات.

ومضى حين من الدهر حتى حل ميعاد مؤتمر النقابة الوطنية (النقابة العامة للتعليم الأساسي وهي اليوم الجامعة العامة) وقد أشرفت عليه. كانت المؤشرات في ظاهرها توحي بإعادة انتخاب الأخ المنصف الزاهي كاتبا عاما. ولكن مؤامرة دبرت بليل قلبت الموازين. وزعم لي بعضهم ان الأمين العام سرب تعليماته للاطاحة به وتعويضه بأحد رفاقه من الشمال الغربي في إطار التقليص من الثقل النقابي لقفصة ورجح بعضهم انها طبخة داخلية بين نواب القطاع ولكن المؤتمر كان شفافا ديمقراطيا والت الكتابة العامة للأخ الطاهر ذاكر رحمه الله.

رد الاعتبار.

ثمة في كل لغة كلمات وتعابير لها دلالات تتجانس ولكن ايحاءاتها تختلف وتتنافر احيانا. فرد الاعتبار فيه طعم الاخذ بالثأر لانه يأتي على حساب ضحية ما.. وكل منتصر شامت بمنتصر عليه..

اما الأخ منصف فلم يأت خلال عهدته ما يبرر الاطاحة به. وقد حز في نفسي وفي نفس العديد من النقابيين الوضع المعنوي الذي تردى فيه..

وفي آخر التسعينات جد حدث كاد يشرخ الاتحاد. فقد اهتزت الثقة بين الأمين العام الاخ إسماعيل السحباني ورفاقه انتهت باستقالته من منصبه وعوضه الأخ عبد السلام جراد وهذا باب قد اطرقه لاحقا. واسندت لكاتب هذه السطور مسؤولية النظام الداخلي للاتحاد.

اقترحت ان ندعو الأخ منصف ليكون منسق لجنة النظام الوطنية. وحظي ذلك بالموافقة وصار،  رحمه آلله، ينشط في هذه اللجنة وسمح له ذلك بأن يكثف اتصالاته المباشرة بقاعدته من المعلمين في كامل البلد ..ومهد له السبيل للفوز في مؤتمر النقابة العامة بالكتابة العامة من جديد.

اذكر انه كان مقرر اللائحة الداخلية لمؤتمر الاتحاد العام بجربة عام 2002.. وانه الح ان تتضمن اللائحة قرارا بشن اضراب عام لمدة ساعتين تضامنا مع الشعب الفلسطيني. وكان له ذلك. (وقد أعود الى هذا في مناسبة اخرى)

صعد الأخ المنصف ، بوصفه الكاتب العام لأكبر نقابة في الاتحاد، إلى المكتب التنفيذي الوطني وأتم دورته. ولكن المرض حال دونه ودون ان يواصل.

تغمده الله بواسع رحمته.