آراء حرة

الروائي شفيق الطارقي يراسل وزيرة الثقافة : الدواخل جرح .....لو تعلمون

الشعب نيوز / شفيق الطارقي - من مواطن تونسيّ يكتب الرّواية إلى السّيّدة وزيرة الثّقافة.. لقد انتعشنا ضحكا في الأيام القليلة الماضية، وقد مثّل الأمر سببا وجب ان نشكر عليه من كان سببا.. وأنت تعرفين حجم ما نعيشه منذ سنوات من نكد وطنيّ حوّلنا إلى شعب "مكشبر" وحزين، وأن تسهم الوزارة عبر مؤسسة من مؤسساتها في اسعادنا فذلك لعمري نجاح، مع مرتبة الامتياز.

لم تكن ضحكاتنا عادية مثل تلك المرأة التي اقدمت مؤسستكم المعنية على تصنيفها ذات بيان، وقد صارت المؤسسة في انموذجها الجديد مبدعة بيانات من نوع خاص، لم نعد نعرف من يكتبها بتلك اللغة العجاب، والنعوت المبتكرة والسذاجة الخالصة لوجه الله، أهم انس مثلنا أم جان أمكن لهم قرصنة الصفحة الخاصة ببيت الرواية ل"تهبيلنا" ولاشاعة الفرح الدائم..

لقد كانت الضحكات منعشة، بكثير من البيفيديس، والمكملات الغذائية.. ولكنها تحتاج من المتلقي مضادات حيوية حتى لا يفقد عقله في زمن نعلم أنه مجنون ولكن ليس إلى تلك الدرجة.. فشكرا كبيرا... ولأن مصدر هذه السعادة التي حصلناها دون أن نضطر إلى قراءة ما خطه الفارابي، أو إلى استهلاك ما يستهلكه المتعبون مثلنا من عقاقير وحشائش، هو ما أقدم عليه بيت يعنى بجنس في الكتابة السردية هو الأعلى رصيدا والاكثر مقروئية في العالم اسمه الرواية، فإنني بصفتي أعلاه أقترح على وزارتكم التشجيع على مثل تلك البيانات وعلى ما تحاول مؤسسة وفرتم لها المقام في مدينة الثقافة، من ارساء للامركزية، لعن الله المراكز كلها.. وذلك بأن شرعت لنفسها الانتقال لإقامة ندواتها في الدواخل الحزينة والمقصية والمتعطشة والشائحة ثقافيا.. وما علينا كأبناء شعب ضالعين منادين بالعدالة الاجتماعية إلا أن نكبر الخطب، نعم للعدالة الثقافية.. بيد أنّ الدواخل لا يمكن أن تكون مختزلة في النزل الفخمة الواقعة على ساحل المتوسط.. الدواخل جرح.. لو تعلمون... والانفتاح عليها لا يكون بجلسات مغلقة على طاولات مستطيلة، دون عمل حقيقي على حشد الجماهير، فللرواية عشاقها وفي الدواخل مهتمون ممكنون لهم ما يضيفون... وإذا كان من دوافع البيت فضلا عن اللا مركزية التي لم تتحقق إلا بالانتقال من مكان إلى آخر إيجاد شراكات محمودة مع السياق الجامعي أو الخاص فإننا نتساءل من موقعنا البسيط عن عدم تعميم هذا الفعل ليشمل مختلف المؤسسات العاصمية ذات الصبغة الثقافية، وذلك بتحويلها إلى مكاتب في وزارتكم، تكون منصات للتخطيط لمثل هذه السياحات الثقافية، ينطلق منها اصحابها في كل مرة إلى مدينة لنشر البهجة، وهذه عدالة إدارية على ما فيها حسب عقلي الضعيف في ما هو تكلفة ومصاريف من انفاق انتم في غنى عنه باعتباركم وزارة فقيرة في بلد يعيش مأساته المالية بامتياز.

لو كنت مكانك سيدتي الوزيرة لأجريت تحقيقا حول تلك البيانات أدعو إليه خبراء في اللسانيات وفي الحد الادنى من احترام العقل البشري، لأنها بيانات لا تليق بالكتابة والكتّاب ولا تقبل من جمعية مائية أو من أطفال الكتاتيب، فضلا عما فيها من استعداء للآخر من نعوت من قبيل المرضى والوشاة.. أبهذا يؤسس البيت للتسامح والتصالح؟ ولكن رغم أن حزني وألمي كبيران على تونس أولا وعليها بدرجة ثانية فلا يمكنني إلا أن أجد لكل ما حدث وما سيحدث الشفاعة في تلك الضحكات المنعشة... لقد تحول المركب النعتي إلى مفهوم شاسع ملأ الدنيا وشغل الناس كشيخنا المتنبي... وأما الغريب فان ينالنا متى عبرنا عن بعض الانتعاش ما نالنا من إهانة تكفلت بها مدعوة لمهرجان السعادة المغلقة ونتساءل هنا بلغة إدوارد سعيد وإنساقه عن دور المثقف.. هل هو نقدي أم دفاعي.. لقد تشابهت علينا الدلالات والابقار وتشابهنا على أنفسنا.. فعذرا ان أطلت...

لمزيد من الأخبار  حمّلوا تطبيقنا Echaabnews عبر  AppGallery و فعّلوا زر الإشعارات ( Notifications) كي يصلكم كل جديدنا