آراء حرة

في تشخيص أعطاب وزارة الثقافة

الشعب نيوز/ متابعات: كتب الأستاذ العربي الشعباني في توصيف واقع وزارة الثقافة مقدّما استقالته من إدارة دارة الثقافة ابن رشيق: إلى كل الفاعلين الثقافيين والمعنيين بالشأن الثقافي "عندما يصبح العمل مستحيلا في ظل إدارة وزيرة الشؤون الثقافية الحالية وطاقمها المتشكل بين مجموعة من النهضاويين المتعلقة بهم شبهات فساد وٱخرون ممن خبرهم أبناء القطاع في كيد المكائد وتلفيق التهم والقضايا" عندما يصبح من غير الممكن أن تكون مديرا على رأس مؤسسة ثقافية ووزيرة الثقافة الحالية مستميتة في الدفاع عن الباطل متجاهلة قطاعا بأكمله يرزخ تحت الظلم والتخلف منذ سنوات مديدة فما عليك سوى أن تطالب بإنهاء تعيينك حتى لا تجد نفسك تنفذ في أجنداتهم بحكم مسؤوليتك في الادارة وتربح في المقابل نفسك ومبادئك ووطنك الذي حتى وان أنكر عليك تضحياتك اليوم فسيعترف بها يوما من الأيام.

عندما تعمل ليلا نهارا في سبيل إرساء ثقافة جادة بأبسط الإمكانيات وأنت تنظر بأم عينيك كيف تسرق مقدرات وزارة الشؤون الثقافية ويهدر المال العام في تظاهرات الفترينة والواجهة من أجل مجموعة من الصور والخطب على المنابر بينما دار الثقافة وهي التي تعتبر خط التماس الأول مع عموم الناس، تظل عبارة عن شباك في مندوبية وميزانيتها طيلة عام كامل لا تصلح لإقامة نشاط بسيط واحد. عندما تعمل بلا راحة ولا عطل ويوميا وطيلة الأسبوع لتقيم مهرجانات دولية وعربية ووطنية وذات قيمة وجودة وأهداف سامية وتلاقي اعجاب جمهورٍ متنوع من أطفال وشباب ونساء ورجال وذوي الإعاقة وتلامس اهتمامات كل فئات وقطاعات المجتمع، وتنجح في ذلك رغم شح الموارد وتعقيدات القوانين وفضاعة الواقع فتكافؤ في بلدك ومن وزيرة الشؤون الثقافية بعصا الترهيب والتخويف والإحالات على مجالس التأديب والمحاكمات الكيدية، والتهمة تدوينة على الفايسبوك تنقد فيها فشل وزارة كاملة ووزيرة بلا رؤية أو مشروع.

عندما تستميت طيلة عشرة سنوات في مواجهة قوافل الظلاميين والرجعيين وطلاّب الموت لتجد في النهاية بعضًا من جيوبهم مستشارين لدى وزيرة الشؤون الثقافية وهي التي تعتبر نفسها تنتمي لمنظومة 25 جويلية بل وتعتمد عليهم في حٓبك المؤامرات ضد شرفاء القطاع وحياكة القضايا الكيدية ضد من وقفوا لسنوات لإنقاذ الوزارة وتخليصها من الظلام والظلاميين والانتهازيين وشذاذ الٱفاق. كنت ولا زلت أصدح برأيي ومواقفي بأن وزيرة الشؤون الثقافية الحالية وجماعتها أعداء للثقافة الوطنية ومناوئين شرسين لمسار 25 جويلية المرتكز أساسا على محاربة العبث بالدولة ومقدرات البلد. كنت ولا زلت أقول أن وزيرة الثقافة الحالية وجماعتها خطر على مقدرات وزارة الثقافة وكل العاملين بها من خلال تقريب المفسدين واتخاذهم أهل مشورة عندها، رغم أن القاصي والداني يشهد بانتماءاتهم الإخوانية وممارساتهم الفاسدة. كنت ومازلت وطنيا تقدميا أرى ان حرية الفكر والابداع سبيل لا مناص منه لرقي البلد ومحاربة التخلف وصناعة الأمل بعيدا عن ثقافة الظلامية والرجعية بكل أوجهها وخلفياتها.

عملت بأربع ولايات وخمسة دور ثقافة وٱخرهم دار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة، ذاك الصرح العظيم الذي مر منه أكبر فناني تونس ومسرحييها وشعرائها وسنمائييها وتخرج منها ٱلاف الأطفال، صاروا شبابا وكهولا وشيوخا فيما بعد. مكثت مديرا على هذه الدار طيلة ثلاث سنوات، لم أدخر جهدا ولا وقتا ولا مالا من أجل أن تظل صرحا ومنارة مفتوحة طيلة الأسبوع وبدوام ونصف في الحالة العادية وبدوامين وأكثر في فترة المهرجانات ولم أنتظر لا جزاء ولا شكورا. لم أنظر لدار الثقافة يوما كمصدر رزق فقط (أجور القطاع الثقافي هي في أدنى ترتيب سلم الأجور في تونس) بل نظرت إليها كهوية ثقافية أرى فيها نفسي وأخدمها بحب وأمل، لكن للأسف الشديد حين يجتمع الهواة والحاقدون على رأس وزارة سيادية مثل وزارة الثقافة ويقفون أمام كل منفذٍ للأمل فما عليك سوى أن تنسحب خطوة للوراء وتترك لهم كل هذا العفن لأنك لن تسطيع مجاراتهم في الوحل.

نحن نعمل في قطاع يدعو للحياة ويؤذّن للفرح ويزرع الأمل ولكنهم يريدون أن يحولوننا إلى أشباح وأن يقتلوا فينا الصبر وروح العمل والإجتهاد فهنيئا لهم كل ذلك. كنت قد قدمت بتاريخ 06 مارس 2023 مطلب إعفائي من إدارة دار الثقافة ابن رشيق ومازلت مصرًا على ذلك وأرجو أن يتم القبول في أقرب وقت لأعود منشطا ثقافيا لا غير ولا أتحمل مسؤولية عبث العابثين ولكن أعمل في حدود امكانياتي وصلاحياتي بالضبط دون زيادة أو نقصان.

لسنا ممن يتراجع عن أهدافهم أو يفقدون الأمل بل رأيت أن أترك فرصة للفاشلين أن يضحكوا يوما بعد أن احزنهم وجودنا لسنوات. لنا عودة في مواقع أخرى وٱمالنا كبرى لا تنتهي وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. #لنا_وطن_ولا_وطن_لكم