آخر ساعة

وفاة الاستاذ عزام المحجوب، الجامعي التونسي والخبير الاقتصادي العربي والدولي المرموق

الشعب نيوز/ وسائط - كتب الرفيق شكري لطيف اليوم الخميس 8 ديسمبرعلى صفحته الخاصة تحت عنوان " عزام محجوب سلاما" تدوينة نعى فيها وفاة الاستاذ عزام المحجوب، الجامعي التونسي والخبير الاقتصادي العربي والدولي المرموق ، الذي تجمعه به علاقة الصداقة والرفاقية علاوة على علاقة القرابة. 
واضاف شكري لطيف كاتبا " درّس عزام محجوب في الجامعة التونسية ومكّنتْه كفاءته العالية من التدريس في عديد الجامعات الأجنبية ومن انجاز الدراسات لفائدة العديد من مراكز البحوث الإفريقية ومن صياغة استشارات وبدائل تنموية لعديد البلدان الافريقية وخاصة في بوركينا فاسو في فترة حكم توماس سانكارا.

وكان إلى جانب سمير أمين عضوا فاعلا في "مجلس تنمية أبحاث العلوم الاجتماعية في إفريقيا (CODESTRIA) وهو المجلس الذي أنشأه سمير أمين في ستينيات القرن العشرين في داكار بالسينيغال، كمخبر وهيكل مماثل لمجلس أمريكا اللاتينية للعلوم الاجتماعية ، لوضع أسس فكّ ارتباط الاقتصاديات الافريقية التابعة للمراكز الرأسمالية الدولية المهيمنة، واستشراف استراتيجيات تنمية بديلة. 
وباشر عزام المحجوب التدريس في مادة العلوم الاقتصادية بالجامعة التونسية بأدوات ومضامين معرفية وبحثية علمية تقدمية بسارية مناقضة للمدارس الاقتصادية الليبيرالية السائدة ، وتخرّجتْ على يديه أجيال من الباحثين المتشبّعين بروح النقد والتجديد.
ولعلّ كل هذه الخصال النادرة في الوسط الجامعي التونسي التقليدي السائد ، هي التي كانت وراء قرار السلطات التونسية حرمان أجيال طلابية إضافية من درسه الجامعي، فأحالتْهُ على التقاعد الوظيفي في سن ال60، وذلك تماما كما فعلتْ مع قمم جامعية مماثلة كتوفيق بكار وهشام جعيط..
ولم يقتصرْ نشاط عزام المحجوب على الجانب التدريسي الجامعي بل انه اهتم كذلك بالبحوث والإسهامات النظرية في النشريات التقدمية التونسية والعربية. كما كان له نشاط سياسي حثيث مناهض للاستبداد ومنحاز للعدالة الاجتماعية وللسيادة الشعبية على الموارد والقرارات.
 كان عزام في سبعينيات القرن العشرين من جيل الرواد المناضلين الذين سبقونا في منظمة برسبكتيف التونسية المعارضة في المهجر ، وانتمى لمجموعة غرونوبل التي أصدرتْ جريدة "العامل التونسي" وكان عم خميس(المولدي زليلة) أحد مُحرّكيها. وقد نالني بعد عقد من الزمن من ذلك، اثر عودتهما لتونس، شرف التعرّف عن طريقه إلى عم خميس ، ذلك الشاعر الكبير صاحب قصيدة "بابور زمّر" والمناضل الوطني والثوري الذي تطوّع سنة 1948 للكفاح في فلسطين.
وحين طرحتُ عليه في بداية الثمانينيات الإسهام في مشروع مجلة أطروحات اليسارية ، كان من أوّل المُرحّبين والمُتطوّعين للكتابة فيها بدراسات علمية قيّمة حول التراكم الرأسمالي في تونس وصياغة البدائل لفكّ الارتباط والتبعية . كما يعودُ الفضل له في أنّني تعرّفتُ عن طريقه على المفكر والاقتصادي الماركسي سمير أمين الذي كان يزوره بصفة دورية  في بيته، وجمعتْنا فيه جلسات ونقاشات عالقة بالذاكرة.. (نضيف من جهتنا انه شارك بقسط وافرفي الدراسات التي انجزها الاتحاد العام التونسي للشغل كما القى العديد من المحاضرات أمام النقابيين من عدة قطاعات. وحظي عزام بالاحترام والتقدير لدى النقابيين).
ترك عزام المحجوب رصيدا زاخرا من الاحترام والتقدير ومن الكتب والبحوث والدراسات التي تفتح السبل لمزيد تحليل واقعنا الاقتصادي/الاجتماعي الملموس بأدوات ملموسة بهدف استشراف بدائل للتبعية والتفقير والتهميش والحيف.
وعسى أن تكون الأجيال الصاعدة وفيّة لذكراه بالوفاء لهذا الرصيد بالإثراء والتطوير.

تعازينا الحارة الى عائلته ورفاقه واصدقائه وطلبته وكل الذين عرفوه وعايشوه.