آخر ساعة

أَسبقتْ جُذُورِكِ أًرضَ الهوارية، قبل ان تسبق مقاذيف عليسة قرطاج؟

الشعب نيوز/ معا - عثرنا على هذه القصيدة الطويلة للكاتبة والفنانة التشكيلية رجاء بن موسى. اسمها وحديثها عن الهوارية وعليسة وقرطاج أحالانا على هويتها التونسية. قصيدتها هذه نشرتها وكالة "معا" الاخبارية الفلسطينية يوم 19 نوفمبر2022 كما نشرتها مواقع أخرى، وهي أستاذة اللغة العربية باحد معاهد مدينة سوسة.

أَسبقتْ جُذُورِكِ أًرضَ الهوارية،
قبل ان تسبق مقاذيف عليسة قرطاج؟
فكلاكما في الزمن خلان
يا زيتونة عليسة

نجمات الليل مازالت تدغدغ فينا أحلاما لابنة زيوس ايرينا تنشد غصن زيتون سلاما للملوك

لنستيقظ على صوت بردعة حمارتنا الموشاة بأجراس الحياة

وصوت والدي يرفع عنا غطاء الدفء لنوصد أعمدة " الكريطة"
مع "البردعة" بحزام جلدي

و ينساق مركب "الكريطة" بين ثنايا "الهندي"
وحكايات والدي لا تتوقف عن تمجيد أجداده الثوار قد هاجروا الجبال، فقد خشوا ما خشاه أهل كنعان أن تنعدم الخصوبة في أراضيهم فغرسوا السهول بركة وحياة
سيرا على ما علمهم به ماغون من دروس غرس الزيتون

هل كان والدي عالما بتاريخ القائد حنبعل البوني؟
قد حارب روما وعاهد جنوده أن يصونوا هذه الشجرة المباركة ارثا لهم و قربانا لتانيس

وتتنهد أمي لخطوات جدتي في مسارب الثنية تجاهد الزمن وتجاهد " شارية " ترشح زيتونا
قد تثاقلت على ظهرها صمود ومقاومة أهل فلسطين

و تتسارع خطوات اخوتي التحاقا
بركب "أولمبيا "شعارهم مشعلا وسراجه زيت زيتون ينير ضياء انتصارا لهرقل قد وشح جبينه بتيجان أغصان الزيتون

ويحل الركب بأرض كريت
وتشرق عيون أبي باحتضانه لزيتونة سلاما هي من ادم عليه السلام
وحافظة عهد الانسانية بميثاق
أغصان يتعالى كبرياء مع الزمن

فجذورها أهل الأرض الأولين و مهد للانسانية من فنيقين و رومانيين

وترفع السلالم من أعواد الزيتون انتصارا لصابة تشع نورا

و عمار قد أحكم رأسه بزنار تتناغم فيها روحه مع خفقات أصابع قرون الخرفان تناطح حبات سوداء أبية السقوط

و بساط تتراقص فوقه موجة من الخطاف ينقرن حبات الزيتون شدوا ونعمة 

و تتعالى زغروطة أم السعد مع نغمات شحرور الخضراء
غنوا معايا هاي ....على الزيتونة الزيتونة
أصفر وأحمر لون العنبر...
لون الزيتونة 

و تتناثر ورقات الزيتون فصلا عن حبات العنبر بأياد ناعمة
لتكال الأكياس بـ "الثمنة " و " الويبة "
وترفع على الأكتاف فخرا و بهاء

وحمارتنا هناك تشد السير مثقلة بصابة الى معصرة " رايسها " منصور قد أحكم توزيع هذه الحبات المباركة
فقد حفظ من الفراعنة تسييرالشوامي والرحى الحجرية
لينساب عصيرا ذهبيا تمتلىء به المطمورة
و جرة مونة لأمي هذا العام.

و يسكب الزيت من الكوز
على نور قنديل يتهادى من الأندلسيين
فيغدو العيش ناعما 
فـ "خبزك مخبوز وزيتك في الكوز"

يحل العيد في" الحوش" فجدتي بين مد وجزر تتنهد ألحان

" دار الفلك من بعد طول العشرة "

قابضة على صولجان الرحى الحجري تدور معها حبات الزيتون
في ذلك الفلك كما تدور الكواكب حول الأرض
ليرشح زيت النضوح ذهبا
يسُرّ عيونا رأت فيه شفاء ودواء

و أياد تمتد بكسيرة تغمس في صحاف الزيت والعسل شاكرة الرحمان

و تقسم بالتين والزيتون أن تصون هذه الشجرة طور السنين.