آخر ساعة

رحلة الى فياتنام تحرر العقل من عبء الالتزامات والتضييقات وترفعه الى سماء النشوة

الشعب نيوز/ متابعات - رحلة عجيبة قام بها رفيقنا وصديقنا البشير جمعة الى فياتنام ووضعنا في اطارها من خلال مجموعة كبيرة من الصور الجميلة وتعاليق ممتعة نشرها تباعا على صفحته الخاصة في موقع فايسبوك فتابعه اصدقاؤه بكل شغف.

سماها الخرجة الفيتنامية (Vadrouille Vietnamienne) والخرجة في العادات التونسية هي نوع من الرحلات يستسلم فيها الواحد الى جملة من الطقوس التي تخلصه من عبء أو ثقل ما كان يرزح تحته من التزامات وتضييقات وترفعه الى سماء النشوة بما يراه من جديد وما يسمعه من مختلف وما يأكله من غير مألوف. ان الخرجة، خلافا لما توحي به من انفلات ، تحرر العقل من عقاله القديم لتفتح فيه مجالا واسعا لاستقبال الجديد وتدفعه لاعمال الرأي في كل متغير، لكن دون جهد أو ارهاق بما يجعل " الخارج" منتشيا وبعبارة تونسية لا نظير لها  استعملها صديقنا بشير" شايخ زنس شيخة ما كيفهاش "

قاهر الفرنسيين والامريكيين

فياتنام بلد بعيد، قد لا يعرفه الكثيرون من التونسيين اليوم ولا يسمعون عنه لان اسمه لا يتردد في نشرات الاخبارولا خرج منه لاعب شهير أو راقصة فنانة. يقع جغرافيا جنوب شرق أسيا، ملاصقا لتايلاندا، مطلا على بحر الصين، احتلته فرنسا منذ سنة 1885 وخرجت منه سنة 1954 بهزيمة نكراء اشتهرت باسم الموقع الذي دارت فيه وهو ديان بيان فو( Dien Bien Phu ). انقسم بين جزء شمالي مدعوم من البلدان الشيوعية وجزء جنوبي مدعوم أمريكيا وغربيا. وبدورهم انهزم الامريكان واضظروا للمغادرة سنة 1975مما ساعد على توحيد البلد. يسكنه اليوم قرابة 100 مليون ساكن، عاصمته هانوي (Hanoi)

من كانوا في العشرينات من أعمارهم في ذلك الوقت مثل رفيقنا بشير جمعة وكاتب المقال وغيرهما من طلبة اواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي، عاشوا حرب فياتنام بجوارحهم وانتصروا بطبيعة الحال للشق الشمالي - الاشتراكي الشيوعي وخاصة الى زعيمه " هوشي منه " ( Ho Chi Minh) وقائد الجيش والثوار الجنرال جياب (Vo Nguyen Giap) وعموما للشعب الفياتنامي المقاوم.

لا أشك لحظة في أن ذكريات السبعينات هي التي دفعت بشير جمعة للسفر الى فياتنام وزيارته في اطار خرجة. ولا شك أيضا أن اقامته في مسقط عاصمة سلكنة عمان حيث يعمل منذ سنوات ساعدته على تلك الخرجة.

فمن مسقط استقل الطائرة الى بانكوك ومنها الى هانوي في رحلة كتب بشير أنها " زيارة ونيارة، والشي لله سيدي هوشي الفيتنامي.يا هوشي جيتك نجري.وجبت بخورك في حجري.( هوشي المقصود هو Ho Chi Minh). بشير صوّر لوحة برنامج الرحلات من مسقط واليها وترون هناك جزء آخر من العالم غير متوفرللكثير من التونسيين.

 صدمة حضارية

يقول بشير وصلنا  ظهر اليوم الموالي ليوم السفر الى هانوي Hanoi. مدينة اصابتني بما يسمونه صدمة الحضارات Choc des Cultures. وفي كلمة، فأن فيتنام بلد مختلف على كل ما رأيته من بلدان من قبل. حركة المروروالسير في الشوارع أصابتني بالدوار (دوخة). تبدولك في الاول فوضى عجيبة. لكن في الحقيقة هي عكس ذلك. فلدى الفيتناميين قدرة عجيبة على ان يخلقوا من الفوضى والزحمة " زنس" نظام وتربية يفوقان أي تصور يبتدعه العقل الادمي.

والذي حصل لي أنني" تخبطت خبطة كلبة " في هذا البلد من اول نظرة، وانشيت نشوة  لا قبلها ولا بعدها." شيخة اخرى."

التجوال في وضع الانبطاح

 لم أستفق بعد من نشوة النظرة الاولى حتى وقعت في الحب الجارف. ذهبت في اليوم الثاني من رحلتي الى منطقة NINH BINH, وهي تبعد قرابة 80 كم عن هانوي.بها  منتزه TRANG AN, وهو مصنف كتراث عالمي من طرف اليونسكو.

هذه حقيقة اعجوبة من اعاجيب الطبيعة، لا يمكن أن تتجول في أرجائه ومختلف مكوناته إلا وانت تمتطي قاربا صغيرا يتقدم أو يعمل بالمجذاف، عبر النهر والبحيرة وسلسلة من المغارات المخيفة التي لا يمكن أن تشق بعضها إلا إذا كنت منبطحا على القارب. أمر يصيب بالدوار حقا. أضف الى ذلك أن العاملين على هذه القوارب هم فقط من النساء.

تلك التي ركبت معها، ظلت طيلة ثلاث ساعات تستعمل المجداف وتدفع بالقارب في مختلف الاتجاهات دون كلل أو ملل أو ضجر، زايد أنها، كلما نظرت اليها، ابتسمت لي بحفاوة غير مسبوقة. كدت أنسى فطوال كامل الفسحة، كان المطر ينزل مدرارا " خيطين من السماء" ما جعل المتعة أروع.

 (يتبع)