ثقافي

"إختتام موسم المهرجانات "حسني عبد الرحيم

العودة المدرسية تؤذن بنهاية موسم المهرجانات الصيفية التى حققت هذا العام رقمآ قياسيآ لم تبلغه من قبل ومن الممكن أن يُدْخل البلاد لموسوعة " غينيس" لأكبر عدد من المهرجانات بالنسبة لعدد السكان .

طبعآ كانت الناس متوحشة للشيخة والفرحة بعد عامين من الإغلاق بسبب الوباء،لكن كل شئ له حدود حتى الصبر له حدود!

تابعنا وشاهدنا هذا الصيف المنقضي  مهرجانات في كل شئ وأحيانآ حول لاشئ.. ولم يكن لنا بالطبع إمكانية الذهاب من أقصى البلاد إلى أقصاها لكى نتابعها عن قرب ولكن ما أمكنا متابعته واقعيآ فعلنا ذلك بكل محبة وما لم يمكننا متابعته مباشرة قرأنا أحداثه وتوابعه فى الملفات الصحفية التى تكرمت بتوزيعها الهيئات المديرة والملحقين الإعلاميين مع الصور والفيديوهات اللي صورتها حول الوقائع!

ندلي بشهادتنا لله وللوطن بأن المهرجانات هذا الصيف زادت عن حدها وكما نعرف مازاد عن حده ينقلب لضده(ربما هناك أسباب غير مُعلنة)!لم يكن من الطبيعي أن تتوالي هكذا أحداث مهرجانية مرتين أسبوعيآ وهناك مبررات يسوقها المنظمين أحيانآ ثقافية وأحيانآ إقتصادية وفى كل مرة سياحية فالأمر في الحقيقة فى غالبية المهرجانات التى جرت هذا الصيف لم تلبي أحد أو مجمل هذه المتطلبات.

هناك مجموعات سواء في الإدارة أو حتى في القطاع الخاص تتطفل على هذه المهرجانات وهناك مصالح متداخلة ومعقدة ، مايهمنا في الواقع هو أنه كان ينبغي في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة الإقتصار على المهرجانات التى تخدم أغراض إجتماعية واضحة بغض النظر عن رغبات بعض الإدارات فى تشغيل الماكينة حتى ولو تحقق خسائر واضحة وحتى لو كانت تعيق التقدم للأمام وترجعنا واقعيآ للخلف.

لسنا هنا فى مسعى لقطع أرزاق العباد ولا لتوقيف عجلة الإحتفالات ، بالأحرى نظن أن الأمور كان من الممكن أن تتم بشكل آخر وبتكلفة أقل وبمردودية ثقافية وإجتماعية وسياحية أفضل بكثير.

هناك مهرجانات دعمتها وزارة الثقافة وهناك مهرجانات دعمها قطاع الأعمال وخاصة في المنشئات السياحية فى ياسمين الحمامات و قمرت وأغلبها تحت عناوين متكررة وشعارات ليست منطبقة على واقعها الفعلي بل أحيانآ مناقضة له.

الكثير من المدعوين سواء من تونس أو من بلاد أخرى لا يمثل الكثير منهم قيمة فنية أو ثقافية وليست لديهم مهمة واضحة داخل الفعاليات المطروحة بينما رأينا الجوائز تُزع على فنانين غير متواجدين مع أعمالهم التى عُرضـت دون تواجدهم حيث لم يتم تزويدهم بالإشتراطات الضرورية لحضورهم بعدما أرسلوا أفلامهم مثلآ! بينما أمتلأت القاعات بناس ليس لهم في لا ناقة ولاجمل!

العديد من الحضور في أحد المهرجانات فى مدينة ساحلية هم مجرد أعضاء في شبكات مصالح متبادلة وكثير منهم موظفون سابقون في بعض الإدارات الثقافية وكثيرون منهم حضروا مع أسرهم لقضاء إجازة مجانية في نُزُل على شاطئ البحر ولم يكن لهم أي أدوار في البرامج المنفذة سوى الحضور في حفلات العشاء مساءآ. 

نفهم وجود بعض المجاملات لكن الحقيقة أن الظاهرة باتت تفقئ العين التى ترى والأذن التى تسمع خاصة مع وجود نقص في الموارد المالية وحرمان شباب من الفنانيين من الحضور بدعوى تقشف الميزانيات! في المجال الصحفي والإذاعي فحدث ولا حرج ويمكن التأكد من ذلك  بمراجعة التغطيات في وسائل الإعلام المختلفة وقوائم المدعويين.

الجوائز الممنوحة تأثرت بهذه الأجواء الضارة فأقل مايمكن قوله أن بعضها ذهب لمن لايستحق وحٌرم منها مجتهدين…المجاملات و تبادل مصالح معروفة للقاصي والداني.

نعيد القول نحن لانهدف لقطع أرزاق أحد ولا لمنع عباد من قضاء عطلات مجانية مع أسرهم على شاطئ البحر ولكن لأن الأمور زادت عن حدها مما يهدد بإفساد النشاط بمجمله في الوقت التى تحتاج فيها الحياة الثقافية في البلاد لإعادة بناء الثقة بين الفاعلين والجمهور وبين الفاعلين وبعضهم! وحتى لا نطيح بمواردنا المحدودة في البحر!وساعتها لن نكون متأكدين بأن "سيدي محرز "سيهرع لإنقاذ النشاط ذلك لإنه بنيّ على باطل ومصالح صغيرة أنانية ومتضاربة و لاتليق بالثقافة  و لا المثقفين .