روسيا تعود بأوروبا إلى عصر الفحم
من المقرر أن يرتفع استهلاك العالم من الفحم في عام 2022، مما يعيده إلى المستوى القياسي الذي وصل إليه منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
هذه المعلومة الصادمة، صدرت نهاية الشهر الماضي عن تقرير لوكالة الطاقة الدولية، والذي يشير إلى أن حالة عدم اليقين الكبيرة معلقة بشأن توقعات الفحم، نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي واضطراب سوق الطاقة.
ويعود هذا الارتفاع في الطلب العالمي على الفحم، إلى أن أسعار الغاز الطبيعي سجلت مستويات قياسية، إلى جانب تذبذب وفرتها في عديد الأسواق خاصة أوروبا على وجه الخصوص.
إذا أعادت ألمانيا تشغيل محطات جديدة تعمل بالفحم، وكذلك نفذت فرنسا الأمر نفسه، فيما خففت هولندا من القيود الحكومية المفروضة على استخدام الفحم من جانب شركات القطاع الخاص.
واستنادا إلى الاتجاهات الاقتصادية والسوقية الحالية، من المتوقع أن يرتفع استهلاك الفحم العالمي بنسبة 0.7% في عام 2022 إلى 8 مليارات طن، على افتراض أن الاقتصاد الصيني يتعافى كما هو متوقع في النصف الثاني من العام.
سيتطابق هذا الإجمالي العالمي مع الرقم القياسي السنوي المسجل في عام 2013، ومن المرجح أن يزداد الطلب على الفحم العام المقبل إلى أعلى مستوى جديد على الإطلاق، في حال بقاء أسعار الغاز الطبيعي مرتفعا.
وعلى الرغم من تباطؤ الطلب العالمي على الفحم منذ عام 2014، إلا أنه يظل وقودا رئيسيا لتوليد الكهرباء ومجموعة من العمليات الصناعية.
في الوقت نفسه، يؤدي استمرار حرق كميات كبيرة من الفحم في العالم إلى زيادة المخاوف المناخية، حيث يعد الفحم أكبر مصدر منفرد لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتعلقة بالطاقة.
هذا التراجع بشأن القيود المفروضة على استخدام الفحم، سيعني أن أوروبا على وجه الخصوص، لن تكون جدية في أهدافها بشأن الحياد المناخي، ففي الوقت الذي تسارع فيه دول العالم خفض الانبعاثات فإن اقتصادات أوروبية تتبنى الفحم مجددا.
انتعش استهلاك الفحم في جميع أنحاء العالم بنحو 6% في عام 2021، وبالتحديد منذ الربع الثالث 2021، مع بدء ارتفاعات متزايدة في أسعار الغاز الطبيعي.
وتم دعم الطلب العالمي على الفحم هذا العام والعام الماضي من خلال ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، مما أدى إلى تكثيف التحول من الغاز إلى الفحم في العديد من البلدان، فضلاً عن النمو الاقتصادي في الهند.
كان الطلب على الفحم في الهند قوياً منذ بداية عام 2022 ومن المتوقع أن يرتفع بنسبة 7% للعام بأكمله مع نمو اقتصاد البلاد وتوسع استخدام الكهرباء.
في الصين، تشير التقديرات إلى أن الطلب على الفحم قد انخفض بنسبة 3% في النصف الأول من عام 2022 حيث أدت عمليات الإغلاق المتجددة لفيروس كوفيد في بعض المدن إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
ولكن من المرجح أن تؤدي الزيادة المتوقعة في النصف الثاني من العام إلى استهلاك الفحم بالكامل؛ يعود العام إلى نفس مستويات العام الماضي. تستهلك الصين والهند معا ضعف كمية الفحم كما تستهلك بقية دول العالم مجتمعة.
ومن المتوقع أن يرتفع استهلاك الفحم في الاتحاد الأوروبي بنسبة 7% في عام 2022 بالإضافة إلى قفزة العام الماضي البالغة 14%.
ويعزى هذا إلى الطلب من قطاع الكهرباء حيث يتم استخدام الفحم بشكل متزايد ليحل محل الغاز، والذي يعاني من نقص في المعروض وشهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتعمل العديد من دول الاتحاد الأوروبي على إطالة عمر محطات الفحم المقرر إغلاقها أو إعادة فتح المصانع المغلقة أو رفع سقف ساعات عملها لتقليل استهلاك الغاز.
نظرًا لأن أسعار الغاز الطبيعي المتصاعدة جعلت الفحم أكثر قدرة على المنافسة في العديد من الأسواق، فقد ارتفعت أسعار الفحم الدولية بدورها، لتصل إلى ثلاث قمم على الإطلاق بين أكتوبر 2021 وماي 2022.
وأدت العقوبات والحظر على الفحم الروسي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تعطيل الأسواق.